فهم يبيعونها منه بيعاً، أو صاحب جاه فهم يجعلونها وسيلة إلى الانتفاع بجاهه، بل ربما زوجوا الفتاة بنت خمس عشرة، بالشيخ أبي الستين، ولم يستأمروها ولم يروا رأيها، وربما زوجوها من الرجل القبيح. ولقد قال عمر (الرجل الملهم) فيما أحفظ من قوله: (لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فإنهن يحببن ما تحبون) ... فتدخل الزوجة دار زوجها وهي له كارهة، فلا يأتي منها إلا مساءته وإتعابه، إن لم يسقها صباها وعجزه إلى أن تتصل بغيره من الفتيان.

هذا طريق، ولأهل الزوجة طريق آخر إلى إفساد الحياة الزوجية، هو التقصير في تربية فتاتهم أولاً، وعجزهم عن ضبطها وتأديبها ثانياً. فإذا كانت الزوجة سيئة الخلق رعناء، فإنها تدع دار زوجها لأتفه الأسباب، وتذهب مغاضبة تشكو إلى أهلها وتستعديهم، فإذا كان أهلها عقلاء ردوها إليه، وأصلحوا ذات بينهما، ولاموها على خلوة بها، كما يلومونه على خلوة به، فيؤلف الله بهم بين القلبين، وتعلم الزوجة أنه لا ملجأ لها إلا دار زوجها، ولا منجى لها إلا حسن خلقها فترضى وتستقيم، وأما إذا كان أهلها جاهلين يغضبون لها غضبة الجاهلية فيعينونها على طلاقها ويزيدون في عنادها فيخربون بيوتهم بأيديهم، ويسوقون الشقاء إلى فتاتهم، ويكونون شراً عليها وعلى زوجها ووبالاً ...

ودواء هذا الداء أن يبحث الرجل عن أخلاق الأسرة، وأسلوبها في تربية بناتها، وحال أمها مع زوجها ومبلغ طاعتها له ورضاه عنها، قبل الإقدام على الزواج، فإذا اطمأن إلى ذلك وصاهر عاقلاً حازماً، وكان الزواج برأي الفتاة ورضاها، من غير احتيال عليها ولا إكراه لها، فقد أمن جانب أهلها، وبقي عليه جانب أهله ... والمصيبة بهم أشد ... والعلاج أن يتفرد عنهم بزوجته. فإذا لم يستطع ذلك، فعليه بالحزم في الأيام الأولى، وأن يعرف لأمه حقها، فإن زوجه تطيعه وتتخرج به وتتربى على ما يربّيها عليه، أما أمه فلا سلطان له عليها ... وعليه بعد ذلك أن يرضي زوجته فيما بينه وبينها، ويعوضها بما فقدت من السيطرة في الدار، بما يدخل السرور على قلبها ويملؤه رضى وأملاً والسبل إلى ذلك شتى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015