حاولته من قبل، وألسنة خطباء مقاول، وعصيّ حكام جبابرة، فلن تكسره أقلام طرية، في أيدٍ ذات سوار، رخصة البنان، محمرة الأظافر، لا يا سيدتي، إن الله قد صنعه من مواد غير قابلة للكسر، فدَعْنَ رأسي وتعالين نتناظر (مناظرة هادئة) في هذه النهضة النسائية، فذلك أجدى عليكن من كسر رأس لا تستفدن من كسره شيئاً ... لأن رؤوس (الرجعيين) لا تزال كثيرة جداً!

ما هي هذه النهضة النسائية؟ بماذا تختلف نساء اليوم عن نساء الأمس؟ أنا ألخص الاختلاف في كلمات:

كانت نساؤنا تقيات جاهلات متحجبات مقصورات في البيوت، فرق دينهن وتعلمن وسفرن وخالطن الرجال، ولننظر في كل خصلة من هذه الخصال، أكانت خيراً أم كانت شراً.

أما الدين (على إطلاقه) وخوف الله في السر والعلن، وما يكون معه من الاطمئنان والرضا، والإحسان إلى الناس، والبعد عن الفواحش، وترك الكذب والغش والحسد والمكر، وهذه خلائق يوحي بها كل دين من الأديان (?) فلا يشك عاقل في أنه خير، وإن تركه شرّ، وأن هذه النهضة بإبعادها النساء عن شرعة الدين، قد أضرّت ولم تنفع، وكان ضررها مضاعفاً مكرراً، لأنه إن جاز أن يمنع الرجلَ من الفاحشة خلقُه وإرادته، فقد ثبت أن المرأة لا يمنعها منها إلا دينها!

وأما العلم، فهو خير للمرأة بشرط أن تتعلم ما يصلحها ويصلح لها، وألا يوجب تعلمها اختلاطها بالرجال، لأننا إن قدرنا العلم قدره، وعرفنا له فضله فلا نستطيع أن نفرط من أجله بالشرف ولا نضيع العرض، وهما أكبر قدراً وأكثر فضلاً، وليس معنى هذا أن كل اختلاط يؤدي حتماً إلى إضاعة العرض لا، ولكن الغرائز موجودة، والشهوات مستقرة في النفس، إنْ منعها إذ فقد تطغى فتحطم السدّ أو تعلو عليه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، والعبرة بالشائع الغالب، لا الأقل النادر، وعلى ذلك نزلت الشرائع ووضعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015