منهم ربع الفدان فما فوقه، ولا يرى نفسه دون مالك الآلاف، ولا يذر له ولا يرى له عليه فضلاً.

لذلك يعجب الشامي عندما يقدم مصر، ويرى هذا التفاوت فيها، ويسأل من أين جاء؟

وثانيها: السؤال عن الكتاب والعلماء، لماذا لا يدعون إلى تخليص البلد من هذا الداء العياء، وتعديل كفتي الميزان وتحقيق طبيعة العرب في المساواة، ومقصد الإسلام في العدالة لا أريد المساواة المطلقة التي لا تبقي غنياً ولا فقيراً، فهذا ما لا يكون ولا ترضاه سنن الكون، ولا طبائع الأشياء. لا يكون إلا في أذهان الفلاسفة والشعراء، وأصحاب الأغراض من الدعاة، يشعبذون به على الناس، ويتخذونه سلماً إلى غاياتهم، ووسيلة إلى أغراضهم، ولكن أريد المساواة المعقولة، التي لا ينزل بها إنسان إلى منزلة البهيمية في طعامه وشرابه ومسكنه، ولا يرتقي إنسان إلى الألوهية، يدعيها كذباً وبهتاناً كما ادعاها فرعون من قبل وأن يكفل لكل مصري (مهما كانت مهنته، وكان عمله) طعامه وشرابه وكسوته ومسكنه، كما يليق بالإنسان أن يأكل ويشرب ويلبس ويسكن، وأن لا يترك في مصر رجل واحد، يعيش كما تعيش السائمة، يأكل قريباً من طعامها، وينام مثل منامها، في الطرقات، والحقول، وعلى الأرصفة، وفي الأكواخ؛ وأناس يطعمون كلابهم الشكولاتة، وينفقون أموالهم في المراقص، ويذيبون ذهبهم في الكؤوس.

فماذا يصنع العلماء والكتاب؟

وثالثها: السؤال ... إذا كان يجوز لمثلي السؤال، عن الحكومة ما لها تقر هذه الحال، في كثير من قوانينها وأنظمتها، فتجعل المدارس الأولية متفاوتة الدرجات، ولا تسوق ابن الغني وابن الفقير بعصا واحدة، وتحشرهم في مدرسة واحدة، كما تفعل وزارة معارفنا في الشام؛ وما لها تعنى بالمشروعات الضخمة الكمالية، قبل إتمام الضروري كأن القصد تنويع الحلوى للأغنياء، قبل تقديم الخبز للفقراء؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015