إن الذي جعل العرب كتلة واحدة من الكتل التي اندمجت في الوحدة الإسلامية، هو الإسلام.

وكل ما كان للعرب بعد من مجد وعظم وعلم وسلطان وحضارة وفخار إنما صنعه الإسلام، فكيف يتفق في منطق هؤلاء القوميين أن نفخر بالفعل وننكر الفاعل، وأن نمجد أثر الإسلام ولا نقر بالإسلام.

يقول بعض المتحمسين من شباب القوميين إن في العرب قوة كامنة انتفضت مرة فكانت الإسلام. وستكون لها انتفاضة جديدة تخرج بمظهر آخر، ولكن لا هم ولا نحن ولا أنتم تعرفون ما هو المظهر الآخر!

وهم يعظمون محمداً ويكبرونه، ولكنهم لفرط الحماسة (وحماسة الشباب أحياناً تقوى على حساب العقل) يسيئون إلى محمد الذي يعظمونه ويصمونه بأكبر ما يوصم به رجل وهم لا يشعرون. يصمونه بالكذب: هو يقول لهم إنه رسول من الله، وإن هذا القرآن ليس من عند نفسه، وهم يقولون لا بل إنه هو الذي ألف من عبقريته ونبوغه هذا القرآن.

أفرأيت إلى أين تصل حماسة الشباب (وكدت أقول حماقة الشباب) بأصحابها؟

ويأتون بكلام له رنة ودوي كدوي الطبل، وإن كان فارغاً من المعنى فراغ الطبل من الشحم واللحم. يقولون (وهذا شعار حزبهم): أمة واحدة ذات رسالة خالدة.

وما زالوا يهتفون بذلك ويرددونه حتى اقتنعوا بأنه من كلام النبوة الأولى مع أنه لامعنى له. لأن العرب كما بينا من قبل، ليسوا بحالهم الحاضرة أمة واحدة، بل المسلمون هم الأمة الواحدة. ولأن هذه الرسالة إن لم تكن الإسلام كانت مجرد كلام.

من الوجهة التطبيقية:

والقومية (كل قومية في الدنيا) إنما تقوم على دعائم ثلاث: اللغة، والعادات، والتاريخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015