الأرض قد اختصوا (بفضيلة) الترفع عن الفقراء، والتعالي على أبناء هذه الأمة التي منها انحدروا وبفضلها عاشوا، وإنكارها إنكاراً ظنوا معه أنهم من طينة غير طينتها، وأنهم أبناء ماء السماء والناس بنو (ماء الأرض ... ؟).

أكانت علّة ذلك أنهم شرقيون، وكان السبب هذا الشرق المظلوم، المتهم بكل نقيصة؟.

قد يقول ذلك المفتونون بالغرب من ضعاف الأحلام ومرضى العقول، في حين أن الكرم والإيثار بضاعة شرقية، من الشرق قد صدرت ... ولقد بلغ بالعرب حبّ الكرم مبلغ الإفراط، وزاد حتى كاد ينقلب مذمة يؤخذون بها، فكيف يستقيم في المنطق (مع هذا) أن يكون هؤلاء الأغنياء بخلاء لأنهم شرقيون، أو لأنهم عرب؟ وهذه عادات العرب، وهذا دينهم وهو القانون الأوحد الذي يحلّ مشكلة الغني والفقير، والذي يردّ عن العالم هذا الوحش الكاسر الذي جاء يحتويه بين فكيه اللذين هما الشيوعية و (الرأسمالية) ويدعه أثراً من الآثار، فكيف تظهر مشكلة الغني والفقير في البلد الذي يدين أهله بهذا الدين؟.

...

لا. ليست الشرقية علّة هذه المشكلة، ولكن العلّة كفر هؤلاء القوم بالشرقية ودينها وعاداتها كفراً لا يصلح معه تنبيه ولا بيان، وإنما يصلحه أن ينشأ أبناء هؤلاء الأغنياء الأشحّة على الخير، الأسخياء على الشر، نشأة أخرى ينقلبون معها ناساً آخرين، ولا يكون ذلك إلا بالمدارس والأدب. ولقد كان عندي في إحدى مدارس دمشق (?) فصل (صف) فيه أبناء أفقر الفقراء، وأبناء أغنى الأغنياء، وكانوا في الفصل منفصلين كأنهم في معسكرين، وكان هؤلاء يأتون إلى المدرسة بالسيارات ويوصلهم إلى بابها الخدم يحملون لهم كتبهم كيلا تتعب بها أيديهم الناعمة، ويدخلون الفصل مزهوين بثيابهم الجديدة، وأولئك ينظرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015