لكنما عولي إن كنت ذا عول ... على بصير بكسب الحمد سباق599
سباق غايات مجد في عشيرته ... مرجع الصوت هدًّا بين أرفاق600
عاري الظنابيب، ممتد نواشره ... مدلاج أدهم واهي الماء غساق601
حمال ألوية، شهاد أندية ... قوال محكمة، جواب آفاق602
فذاك همي وغزوي أستغيث به ... إذا استغثت بضافي الرأس نغاق603
يقول تأبط شرا: إذا تنكر صاحبي لواجب الصداقة، وفترت مودته، وانقطعت صلته، فإني أتركه ولا أبقي عليه، وأبعد عنه بسرعة كما فعلت حينما نجوت من بجيلة عندما أثاروا جمعهم ضدي، وركضوا سراعًا ورائي أنا وصاحبي، فكنت أجري بسرعة النعام والظباء، ولم يكن يفوقني في السرعة إلا الحصان الجامح، والطائر الجارح، وكأني في اندفاعي في الجري فاقد العقل، وذلك من سرعة الهرب وقوة الطلب، حتى نجوت ولم يستطيعوا أن يمسوني بأدنى أذى. وليس من عاداتي مطلقًا أن تثيرني قطيعة صاحب لا يعرف حق الصحبة والإخاء. ولكن إذا كان لي أن أعول على أحد، أو أبكي على فقد صداقته، فهو ذلك الرجل الكامل، الخبير بوسائل المجد، السباق إلى العلا والمكارم، الدائم التجوال إلى أقاصي الجهات، الكثير الأسفار في الليالي المظلمة الطوال، ذو العزة والجرأة، وصاحب الكلمة الفاصلة، وحامل اللواء في الحروب والغارات.
فما يقوله تأبط شرًّا هنا، إنما هو تصوير للصعلوك وصفاته في نظره.