فإن أستطع لا تلتبس بي مقاعس ... ولا يرني مبداهم والمحاضر423

ولا تك لي حدادة مضرية ... إذا ما غدت قوت العيال تبادر424

يقول لي النهدي: إنك مردفي ... وكيف رداف الفل. أمك عابر425

يذكرني بالرحم بيني وبينه ... وقد كان في نهد وجرم تدابر426

ولما رأيت الخيل تتري أثائجًا ... علمت بأن اليوم أحمس فاجر427

فهو يصف سرعته الفائقة في الهرب فرارًا من خطر محدق مؤكد خشية أن يقع أسيرًا في أيدي قوم فيهم خسة. ولا يملكون قوت يومهم.

إن أبيات الاعتذار في الشعر الجاهلي قليلة بالنسبة إلى غيره من الأغراض الأخرى. فما السبب؟ أكان ذلك لقلة دواعي الاعتذار، بمعنى: إنه لم يكن يحدث ما يستوجب الاعتذار إلا قليلًا؟ ربما كان ذلك غير صحيح إذ لا شك أن كل إنسان عرضة للخطأ والوقوع في أمور تستحق الاعتذار أم كان ذلك لأن جميع من ارتكبوا خطأ أو قصروا لم يكونوا شعراء؟ إن ذلك صحيح. ولكن لم يرد لجميع الشعراء اعتذار.

أم يكون ذلك لأن الجاهلي -شاعرًا كان أم غير شاعر- كان يعتز بنفسه، ويعجب بها، ويجب أن يشاع عنه القوة والكمال والصواب والبعد عن الخطأ على الدوام، فلم يرض أن يسجل على نفسه اعترافًا بالتقصير في حادثة ما؟ قد يكون ذلك قريبًا من المعقول، خصوصًا إذا علمنا أن الشعر كان كثير التداول، سريع الانتقال. كما كان يعتبر سجلًّا خالدًا لحوادثهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015