وغير حطوبات الولائد ذعذعت ... بها الريح والأمطار كل مكان3

قفار مروراة يحار بها القطا ... يظل بها السبعان يعتركان4

يثيران من نسج التراب عليهما ... قميصين أسماطًا ويرتديان5

وبالشرف الأعلى وحوش كأنها ... على جانب الأرجاء عوذ هجان6

وهنا يبدأ الشاعر قصيدته كما كانت عادة الشعراء بالحديث عن ديار الحبيبة التي تركها، فيصف المكان الذي كانت تسكنه، وما أصبح عليه بعد أن تركه أهلها، وصار قطعة من الصحراء المقفرة المهجورة، فلم يبق به إلا آثار متهدمة وبقايا أطلال عفت وتهدمت أوطمرت، وقليل من الأحطاب فرقتها الريح والأمطار في كل مكان، وامتلأ هذا الوطن بالرهبة والفزع، وطمست معالمه وضاعت منه جميع آثار الحياة حتى أصبح متاهة، يضل بها الساري، ولو كان أخبر الناس بالطرق والجهات، وصار مأوى للسباع المفترسة، وقد خلا من الماء والرزق، حتى إن الحيوانات الضارية لا تجد ما تقتات به، فيتعارك كل منها مع الآخر، ويفترس القوي الضعيف، وقد امتلأت جميع البقاع، وبخاصة الأماكن المرتفعة، بالوحوش الضارية التي اتخذتها لها دارًا تقيم فيها هي وأولادها، كأنما هي عرين لها، يملأ النفوس رعبًا وفزعًا.

وفي مثل هذا يقول سويد بن أبي كاهل اليشكري:

كم قطعنا دون سلمى مهمهًا ... نازح الغور إذا الآل لمع 8

طور بواسطة نورين ميديا © 2015