مع أن المعنى كان واحدًا في البداية، فتباين الصورتين عليه أعطى لهما معنًى جديدًا.

ولا يعقل أن يتم الاتفاق بينهما إلا في حالة واحدة، حينما يغيّر الشاعر المتأثر كل لفظة عند الشاعر الأول بلفظة تشبهها في المعنى، وهكذا حتى آخر الصورة فيكون بين الصورتين اتفاق تام ولا تفاوت بينهما؛ لأن الشاعر الثاني لم يعرض للمعنى في نظم أو صورة جديدة يقول الإمام عن القوم: "وجدتهم قد قالوا ذلك من حيث قاسوا للكلامين على الكلمتينن فلما رأوا إذا قيل في الكلمتين أن معناهما واحد لم يكن بينهما تفاوت، ولم يكن للمعنى في أحدهما حال لا يكون له في الأخرى، ظنوا أن سبيل الكلامين هذا السبيل، وقد غلطوا فأفحشوا، لأنه لا يتصور أن تكون صورة المعنى في أحد الكلامين أو البيتين مثل صورته في الآخر البتة، اللهم إلا أن يعمد عامد إلى بيت فيضع مكان كل لفظة منه لفظة في معناها ولا يعرض لنظمه وتأليفه، كمثل أن يقول في بيت الحطيئة:

دع المكارم لا ترحل لبنيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

ذر الفاخر لا تذهب لمطلبها ... واجلس فإنك أنت الآكل اللابس

وما كان هذا سبيله كان بمنزل من أن يكون به اعتداد.... ولا أن يجعل الذي يتعاطاه بمحل من يوصف بأنه أخذ معنى، ذلك لأنه لا يكون بذلك صانعًا شيئًا يستحق أن يدّعى من أجله واضع كلام، ومستأنف عبارة وقائل شعر 1....".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015