كالمزاوجة بين معنيين في الشرط والجزاء، والتعليق والتقسيم مع الجمع، والتنبه المتمدد والمركب حيث تتجاوب أصداء النظم مع أنغام الموسيقى، التابعة من زوايا متعدّدة لتشارك في جمال النظم الذي تتألف منه الصورة الأدبية ويذكر تحت عنوان "فصل في النظم يتحد في الوضع، ويدق فيه الصنع" فيقول:
"واعلم أن مما هو أصل في أن يدق النظر، ويغمض المسلك في توخي المعاني التي عرفت أن تتحد أجزاء الكلام، ويدخل بعضها في بعض، ويشتدّ ارتباط ثانٍ منها بأول وأن يحتاج في الجملة إلى أن تصعها في النفس وضعًا واحدًا، وأن تكون حالت فيها حال الباني، يضع بيمينه ها هنا في حال ما يضع بيساره هناك نعم وفي حال ما يبصر مكانًا ثالثًا، ورابعًا بعضهما بعد الأولين، وليس لما يجيء في هذا الوصف حدّ يحصره أو قانون يحيط به، فإنه يجيء على وجوه شتَّى، وأنحاء مختلفة فمن ذلك أن تزاوج بين معنيين في الشرط، والجزاء معًا كقول البحتري:
إذا ما نهى الناهي فلج به الهوى ... أصاخت إلى فلج بها الهجر
ويضرب الأمثلة لأنواع مختلفة من موسيقى النظم إلى أن يقول: ونوع ثالث هو ما كان كقول كثير:
وإني وتهيامي بعزة بعد ما ... تخليت مما بيننا وتخلت
لكالمرتجى ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للعقيل اضمحلت
ثم ذكر منه التنسيم مع الجمع والتشبيه المتعدد والمركب1.
وملاءمة وضع الكلمة مع أختها في الشطرة، ثم ملاءمتها مع الشطرة الأخرى،