ليرى أن تنسيق الألفاظ فيه، واختيار الكلمات، ووضع كل كلمة في موضعها، جعل البيت جيدًا، وحقَّق ما يصبو إليه الشاعر، من المدح بالشجاعة، وذلك كله راجع إلى اختيار الألفاظ، وعلاقة بعضها ببعض، حتى انتهت الصورة الشعرية إلى الغاية في الجودة.
ولو يدل الشاعر في النظم بتغيير بعض الألفاظ أو التقديم أو التأخير فيها، بأن كان الأعداء، هم كثير من قتل ممدوحه باليد؛ لكانت الصورة هجوًا له، وأنه ما ثبت في ساحة النضال لحظة، حتى قتل، ولكن الشاعر انتقى الكلمات، وأحكم النظم، ليحقق الغرض ويسمو بالمعنى، فأراد رياحًا لا رمحًا واحدًا - تتساقط عليه من كل جانب حتى كست جسده، وتعذر على الذئب أن ينهشه، فهو مصون في حياته ومماته، يقول ابن رشيق مع الإيجاز، الذي يوحي بما سبق:
"والعقير ههنا منهم، أي: لم يمت لشجاعته، حتى تحطم عليه من الرماح -ما لا يصل معه الذئب إليه كثيرة، ولو كان العقير هو الذي مقرّره هم، لكان ليت هجوًا لأنه كان يصفهم بالضعف والتكاثر على واحدًا1.
ولا يعتمد أيضًا برأي ابن وكيع الذي مثل المعنى بالصورة، واللفظ مثل، واللفظ حذو، والحذو يتبع المنال، فيتغير بتغيره، ويثبت بشانه"2.
ولا يرضى عن قول العباس بن حسن العلوي في صفة البليع: "معاقبة قوالب ألفاظه" وغير ذلك من الآراء التي خالفها ليتميز رأيه ويتحدَّد اتجاهه وينفرد هو به.