الأدبية، وهو ما وضحه الإمام عبد القاهر، وانتهى إليه النقد الحديث في أحدث نظرياته مع أن الأول في المغرب والثاني في المشرق.

حيث نرى أن الخلل في المعنى يحدث من خلل في النظم، ورهن في العلاقات بين الألفاظ، فالمفعول الأول على صحة المعنى يرجع إلى النظم، ووضع الألفاظ في مواضعها، والصورة الأدبية لا تبدو إلا في هذه العلاقات، وذلك الالتحام بين الشكل والمضمون، وهو ما سبق به ابن رشيق غيره، وإن كان في إيجاز.

فالفساد في المعنى أو الضعف فيه، يرجع إلى اختلال اللفظ، والمقصود باللفظ عنده هنا هو النظم والتركيب، وإلا كيف يختل اللفظ الواحد؟ كما يقال ألقى الخطيب كلمة، والمعنى كلام، وإلا لما شبه اللفظ بالجسد، وليس هو عضوًا واحدًا، بل أعضاء اشتركت جميعًا في بناء هيكله العام، وهو ما يقصد ابن رشيق من اللفظ، بدليل أنه عبر عنه بعد ذلك بقوله: "وإن اختلَّ اللفظ جملة"، يقول في ذلك:

ولا تجد معنى يختلّ إلا من جهة اللفظ، وجربه على غير الواجب، قياسًا على ما قدمت من أدواء الجسوم والأرواح.

ووضح نظريًّا ما وصل إليه فيرى أن اختلال المعنى يرجع إلى تفكّك عرى الألفاظ واختلال مواضعها، التي من شأنها أن تكون فيها، كانغلاق الدائرة الكهربائية، ينتج عنها النور والحياة، وانفصال جزئية واحدة منها يقطع التيار فيعم الظلام، وكذلك لو اختلفت قطعة صغيرة، عن مكانها في آلة "اتوماتيكية" فإنها تتوقف عن عملها، الذي بمنزلة الروح في الجسد، ولا يعلم الإنسان أين مكانها، فربما تكون الروح في الجسد نتيجة لتمام أجزائه، واتخاذ كل جزئية في مكانها، وبذلك تسري في الجسد، واختيار الأعضاء المناسبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015