والمعاني كالأبدان والصورة كالثوب الذي يلف البدن، ويكسوه وقارًا ونبلًا، يقول أبو هلال:

"الكلام ألفاظ تشتمل على معانٍ تدل عليها، ويعبر عنها، فيحتاج صاحب البلاغة إلى إصابة المعنى، ولأن المعاني تحلّ من الكلام محلّ الأبدان، والألفاظ تجري معها مجرى الكسوة" 1.

وهكذا ترى أبا هلال العسكري يعوق للعمل الأدبي عناصره المكونة له كما فعل قدامة ويرفع مع ذلك من شأن اللفظ والصياغة كما فعل الجاحظ.

واتجاه أبي هلال يجعله دون الجاحظ وقدامة في فهمه لصورة المعنى، فقد عدَّ الصورة كالكسوة، التي هي منفصلة عن البدن، ومستقلة عنه، فأصبح اللفظ عنده أجوف مجردًا من كل معنى وروح، ويجرّد اللفظ من القوة والحيوية.

وهذا يدل على عدم أصالته، على عكس الجاحظ وقدامة، اللذين أعطيا الصياغة والتصوير نوعًا من الحيوية، من غير فصل يفقد الروح في اللفظ، فصورة الخشب ليست منفصلة عن مادته انفصال الثوب عن البدن، كما هو واضح في اتجاه العسكري الذي أوقفه في التقليد والخطأ، لأن العقل لا يتصور مطلقًا لفظًا من غير معنًى يرتبط به، وصنيع ابن سنان الخفاجي في كتابه سر الفصاحة هو صنيع أبي هلال نفسه 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015