ألا حبذا نفحات نجد ... وريا روضة غب القطار
وعيثك إذ يحل القوم نجدا ... وأنت على زمانك غير زاد
شهور يقتضين وما شعرنا ... بإنصاف لهن ولا سرار
فأما ليلهن فخير ليل ... واقصر ما يكون من النهار
فهو كما تراه بعيد عن الصنعة، فارغ الألفاظ، سهل المأخذ، قريب التنايل 1.
خامسًا:
وبهذا الفهم الواعي للصورة الأدبية يسبق القاضي الزمن، ويفرق بين الجمال والجلال فيها2، فالجمال موضوعي، يستطيع للفنون بروعته أن يقف على أسبابه، ويحدّد بعض عناصره، ويدرك خصائصه فيها، ويتعرّف على مصادره في انتقاء الألفاظ، وسحر الكلمات، وإحكام التراكيب، وانسجام أجزاء النظم ومناسبة الوزن والقافية للمعنى، وسمو الخيال، وروعة التشبيهات، وحيوية الاستعارات، ووحى الكنايات، إلى غير ذلك من زهرات الرياض المتفتحة، ولا يحتاج في التعرف عليه من الناقد إلا ذوقه المستقيم، وإحساسه الصادق، ونفاذ البصيرة وحذق اللغة والإيمان بالفن الجميل.
وأما الجلال وهو فوق الجمال وغايته التي يسمو بها إلى مرحلة الإعجاز، ولم يكن ذلك ولن يكون إلا في "القرآن الكريم" المتفرد بالإعجاز، وسمو البيان.