النظم، وقد وصف مندور، هذا اللون الذي لا يستقيم من النظم عند القاضي بقوله: "ظاهر شكلي تخطيطي سقيم وهو يصدر عن البديع 1".
يقول القاضي في بيان ذلك: "والقسم الذي لاحظ فيه للمحاجة، ولا طريق له إلى المحاكمة، وإنما أقصي ما عند عائبه، وأكثر ما يمكن معارضه أن يقول: فيه جهامة سلبته القبول، وكزازة نفرت عنه النفوس، وهو خال من بهاء الرونق وحلاوة المنظر وعذوبة المسمع، ودمائه النثر، ورشاقة العرض، وقد حمل التعسف على ديباجته واحتكم التعمل في طلاوته، وخالف التكلف بين أطرافه، وظهرت فحاجة التصنع في أعطافه، واستهلك التعقيد معناه، وقيد التنوص مراده ... ثم كان همه وبغيته أن يجد لفظًا مزوقًا، قد حشي تجنيسًا وترصيعًا وشحن مطابقة وبديعًا، أو معنى غامضًا ... ثم لا يعبأ باختلاف الترتيب واضطراب النظم وسوء التأليف، وهلهلة النسج، ولا يقابل بين الألفاظ ومعانيها 3".
ثالثًا: ويقرّر القاضي الجرجاني من معالم الكمال في الصورة، أن تكون مهمة اللفظ فيها ليست للكشف عن المعنى فحسب بل لا بد أن يصير حلوًا رشيقًا، أحظى في القلب، وأوقع في النفس "ولا يرى اللفظ إلا ما أدَّى إليه المعنى" ولكنه "أحلى وأرشق، وأحظى وأوقع2 " والكلام فيها لا يصور الغرض فقط، ولكن ينبغي أن يكون ذا وقع قوي، يشتقّ الآذان ويستولى على القلوب، كما تشدّ مناظر الطبيعة الفاتقة إليها النواظر، فلا ترى غير الجمال فيها، يقول: "ولا الكلام إلا ما صور له الغرض" إنما الكلام أصوات محلها من الأسماع محل النواظر من الأبصار 4".