وصورته أغرب، وكذلك حال الشاعر والشاعر في توخييهما معاني النحو ووجوهه التي علمت أنها محصول النظم....
وسبيل الكلام هو سبيل الصيغة والتصوير، وأن سبيل المعنى الذي يعبر عنه، سبيل الشيء الذي يقع عليه التصوير والصوغ كالفضة والذهب، يصاغ منهما خاتم أو سوار، فكما أن محالًا إذا أنت أردت النظر في صوغ الخاتم وفي جودة العمل ورداءته، أن تنظر إلى الفضة الحاملة لتلك الصورة، أو الذهب الذي وقع عليه العمل والصنع، كذلك محال إذا أنت تعرف مكان الفضل والمزية في الكلام أن تنظر في مجرد معناه، وكما أننا لو فضلنا خاتمًا على خاتم، بأن يكون فضة هذا أجود أو فضته أنفس، لم يكن ذلك تفضيلًا له من حيث هو خاتم، كذلك ينبغي إذا فضلنا بيتًا على بيت من أجل معناه لا يكون تفضيلًا له من حيث هو شعر وكلام، وهذا قاطع فاعرفه"1.
وبهذا يكون عبد القاهر وضح نظرية النظم، والعلاقات التي ينبني عليها التصوير الأدبي، فأعطى للفظ حقَّه، وللمعنى حقه، والصورة تأتي من العلاقة بينهما معًا،