القاهر فيه الغاية، ويرسي قواعد النظم ومفهومه ويحدّد معالم التصوير الأدبي، يقول عبد القاهر: "أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة، لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها، ولكن لأن يضم بعضها إلى بعض، فيعرف فيما بينها فوائد، وهذا علم شريف، وأصل عظيم"1.
ويوضح هذا أكثر فيقول: "وأعلم أنك إذا رجعت إلى نفسك علمت علمًا لا يعترضه الشَّك، ألا نظم في الكلم ولا ترتيب، حتى يتعلق بعضها ببعض، ويبني بعضها على بعض، وتجعل هذه بسبب تلك.... وإذا كان كذلك فعلينا أن ننظر إلى التعليق فيها والبناء، وجعل الواحدة منها بسبب من صاحبتها ما معناه وما محصوله"2 ويقول: واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله.... إنك ترى الرجل قد تهدى في الأصباغ التي عمل منها الصورة والنقش في ثوبه الذي نسج إلى ضرب من التخير والتدبر في أنفس الأصباغ، وفي مواقعها ومقاديرها، وكيفية مزجها لها وترتيبه إياها إلى ما لم يهتد إليه صاحبه، فجاء نقشه من أجل ذلك أعجب،