عند دعوى السياحة -مثلًا- وأبيِّضُهَا في بلد, وأحمِّرُهَا في قرية، وأسوِّدُها في عزبة, وتغيرت الأسماء التي انتحلتها، والناس في عجب من أمره, فالقدرة مقدرة النديم، ولكنه يختلف عنه في الشكل والصوت واللهجة، فيقولون: سبحان الله جل من لا شبيه له".

وقد أتيح له من الفراغ وهو في اختفائه هذا ما مكنه مواصلة دراسته، وشغل نفسه بالتأليف وقرض الشعر، وقد ألَّف في كثير من العلوم، وفي هذا يقول من رسالةٍ لصديق له: "تارةً أشتغل بكتابة فصول في علم الأصول، وأجمع عقائد أهل السنة بما تعظم به لله المنة، وحينًا أشتغل بنظم فرائد في صورة قصائد، ووقتًا أكتب رسائل مؤلفة في فنون مختلفة، وآونةً أكتب في التصوف والسلوك وسير الأخبار والملوك، وزمانًا أكتب في العادات والأخلاق وجغرافية الآفاق، ومرةً أطوف الأكوان على سفينة تاريخ الزمان، ويومًا اشتغل بشرح أنواع البديع في مدح الشفيع, وقد تَمَّ لي الآن عشرون مؤلفًا بين صغير وكبير، فانظر إلى آثار رحمة الله اللطيف الخبير، كيف يجعل أيام المحنة وسيلة المنحة والمنة، أتراني كنت أكتب هذه العلوم في ذلك الوقت المعلوم، وقد كنت أشغل من مرضعة اثنين، وفي حجرها ثالث، وعلى كتفها رابع، وأتعب من مربي عشرة وليس له تابع".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015