وفي ترجمة الحافظ تقي الدين بن رافع من أنباء الغمر للحافظ ابن حجر (?) : قدمه السبكي على ابن كثير وغيره، وقال لي شيخنا العراقي، كان يقدمه لمعرفته بالأجزاء وعنايته بالرحلة والطلب؛ قلت: والأنصاف أن ابن رافع أقرب إلى وصف الحفظ على طريقة أهل الحديث من ابن كثير لعنايته بالعوالي والأجزاء والوفيات والمسموعات دون ابن كثير، وابن كثير أقرب إلى الوصف بالحفظ على طريقة الفقهاء لمعرفته بالمتون الفقهية والتفسيرية دون ابن رافع، فمن يجمع بينهما يكون الحافظ الكامل، وقل من جمعهما بعد أهل العصر الأول كابن خزيمة والطحاوي وابن حيان والبيهقي، وفي المتأخرين شيخنا العراقي.
وفي أنباء الغمر أيضاً لما ترجم شيخه الحافظ العراقي قال (?) : وعليه تخرج غالب أهل عصره ومن أخصهم به صهره شيخنا نور الدين الهيثمي وهو الذي دربه وعلمه كيفية التخريج والتصنيف، وصار الهيثمي لشدة ممارسته أكثر استحضارا للمتون من شيخه حتى يظن من لا خبرة له أنه أحفظ منه، وليس كذلك لأن الحفظ المعرفة.
وقال الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي: علوم الحديث الآن ثلاثة أشرفها حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها، والثاني حفظ أسانيده ومعرفة رجاله وتمييز صحيحه من سقيمه، وهذا كان مهما وقد كفي المشتغل بالعلم بما صنف فيه وألف فيه فلا فائدة في تحصيل ما هو حاصل، والثالث جمعه وكتابته وسماعه وتطريقه وطلب العلو فيه والرحلة إلى البلدان. والمشتغل بها مشتغل عما هو الأهم من العلوم النافعة فضلا عن العمل به الذي هو المطلوب