يعرف أنساب العرب والبربر معرفة لا يعرف لأحد من معاصريه فيها مجار بل ولا مقارب، وأنساب بني هاشم بالخصوص، والأدارسة بنوع أخص، وقد جمع من كتب هذا الفن أيضا وسجلاته العجب العجاب.
يستحضر طبقات العلماء ويورد سيرهم إيرادا لا يطمع في مجاراته فيه طامع، ويحفظ الوفيات والولادات والمطاعن والملامح حفظا يسترعي عيون المصيخين، ويستدعي الإعجاب الكبير، لا فرق في محفوظاته الكثيرة الواسعة ومعلوماته الجليلة وأحاديثه عن الغابر والغابرين
بين المشرقي والمغربي، والعربي والعجمي، ولابين القديم والحديث، حتى إذا سمعه المكي والمدني يتكلم عن سير الحجازيين والشامي في أخبار الشاميين والمصري في المصريين والهندي في الهنديين واليمني في اليمنيين وخطوطهم وأنسابهم وأسانيدهم وكتبهم ووقائعهم ونوادرهم وكل ما يمكن أن يطلع عليه من الأحوال والماجربات والشئون، قطع أهل كل إقليم
بأنه في إقليمهم تربى وبين ظهرانيهم عاش. لذلك كلما هم مؤرخ من مؤرخي العصر في جهة من الجهات بالتصنيف والجمع لأخبار جهة لم يجد صمدا يصمد إليه ولا عدة وعمدة يتخذها سوى الأستاذ حفظه الله. واسأل الأساتذة الكاتبين (ابن عليّ) في تاريخه لسلا و (ابن إبراهيم) في تاريخه لمراكش و (بوجندار) في تاريخه للرباط و (ابن زيدان) في تاريخه لمكناس و (سكيرجا) في تاريخه لطنجة، تعرف الحقيقة الناطقة بصحة حديثنا الصادق عن قيمة الرجل العالمية العظيمة بين أهل الوسط الذي يعيش فيه. أضف الى هؤلاء غيرهم من دكاترة الأمم الإفرنجية - ورجالات العالم الغربي ك (دوكاستري) في تاريخه للدولة السعدية و (ليفي بروفنسال) في أصول التاريخ المغربي وغيرهم من جهابذة البحث وفطاحلة النقد.
يعرف علاوة عن ذلك فلسفة التاريخ معرفة واسعة خصوصا التاريخ الإسلامي وبالخصوص فيما يرجع لبلاده ودولها وحوادثها وما جرياتها.