لتلك النباهة وحسن التطبيق ورعاية قواعد البلاغة في التراكيب، وغير ذلك مما لا يكاد يجتمع في إنسان واحد. وكنت لما ألفت كتابي السيف الرباني، وعرضته على نظار جامع الزيتونة ليأذنوا بطبعه، وأعلمهم وأدقهم نظرا شيخنا سيدي عمر بن الشيخ، ولا يخشى إلا منه، فبعد إطلاعه عليه قال لي: أقول لك كلمة باليمين لئلا تظن أنها مجاملة ظاهرة، ما ظننت أنه يوجد على وجه الأرض من يؤلف مثل هذا الكتاب، فهذه الكلمة جنابكم أحق بها ورب الكعبة، أين السيف الرباني من البحر المتلاطم الأمواج ... ".
وقال في رسالة له أخرى: " لكم عليّ فضل عظيم، ونعمة طوقتمونا بها، وهي أنكم بهذا الكتاب أدبتمونا، وكسرتم شوكة إعجابي بنفسي، وعرفتموني قدري، وأوقفتموني عند حدي، بلسان الحال لا بلسان المقال، كانت نفسي الخبيئة تظن أن ليس في غالب المعمور من يحس التآليف مثلها، وأظن لو سئلت قبل كتابكم هذا: هل تعلم من يطلع على مخبآت الكتب وذخائر الدفاتر، وينقب في كل فن، ويصنف بانسجام وتنظيم رائق، ويطبق القواعد على موضوعاتها مثلك لقلت: لا، ولو في قلبي، فقد أبرز الله لي ما يكذب النفس الأمارة بالسوء،
وعرفها أن في الزوايا خفايا، وفي الرجال بقايا، وأن أولئك السادات الكتانيين هم الطائفة القائمة بأمر الله ورسوله، هم العلماء بالله ورسوله وبالدين، هم المعانون من الله في أوقاتهم وكتبهم، هؤلاء الذين كلامهم أشد وقعا على المبتدعة من مواقع المترليوز، لا المكي ابن عزوز، ولكن أحمد الله حيث وعظني الله بك وأنت شاب، وأنا اشتعلت لحيتي شيبا أو كادت، بل سررت بأنك تبقى في المستقبل إن شاء الله عشرات السنين، لتنفع المسلمين، وتنصر الدين وأنت أهل لذلك ... ".
وقال شامة العصر الشيخ أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني صاحب السلوة في تأليفه الكبير في البيت الكتاني بعدما ترجم لوالد الأستاذ ما نصه: " وخلف