والإثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، لعلامة الزمان، ومسند العصر والأوان، من خصه الله تعالى بمعرفة طرق الحديث وتراجم الرجال، أبي الإسعاد وأبي الأقبال، الأستاذ السيد عبد الحي ابن الأستاذ السيد الشهير أبي المكارم السيد عبد الكبير الكتاني الفاسي رحمه الله، وجعل الجنة مثوانا ومثواه.
وحيث أني قد كنت من أسباب هذا التأليف المفيد، وما اجتمع فيه من فرائد الفوائد والنقل الحميد، رغبة في تكثير طرق الإسناد، لتبقى سلسلته متصلة في سائر البلاد، وقد كنت جمعت في هذا الغرض معجماً جامعاً مع الاختصار، لاتصالاتنا بإثبات العلماء الكبار، ولما حصل لي العم بأن هذا الأستاذ المذكور، ضاعف الله لي وله أكمل الجور، هو جذيل هذا الفن المطلع على دقائقه، المتحلي في الحقيقة بشوارده وحقائقه، طلبت منه نحو هذا التأليف قصداً للإحاطة بما من ذلك أمكن، فقام بذلك جزاه الله تعالى عليه بسعادة الدارين وإتمتم المنن. فناسب ذلك تقريظي له بعدما أرسله إلي من فاس، واشتهر أني من أسبابه بين أفاضل الناس، قلت في تقريظه: أنه لعجب عجاب، وبحر خضم عباب فكم أفاد من جلب فائدة كانت قبله معضلة، وكم أجاد في إزالة إشكال مسألة كانت مشكلة، وكم أظهر من أثبات كانت قبله كالغامض، لم يطلع على اتصال الأسانيد بها إلا من هو في بحور المعارف خائض، فلله دره من إمام همام، ومسند مطلع على ما لم يكن لمعاصريه به إلمام، لا زالت أعلام مجده بالمعارف منشورة، وفضائله بين أفاضل الناس مدونة مشهورة. وقد سمحت القريحة القريحة، والطبيعة الجامدة الجريحة، بتقريظ هذا الثبت العظيم بهذه الأبيات الوافرية، وإن لم تستوف بيان فوائده وهباته الحاتمية، وهي:
لعبد الحي أسندت المعالي ... باسناد تسلسل في الأصول
أصول في المكارم لا تضاهى ... لنسبتها إلى شرف الرسول