سيد المرسلين، وهذه فضيلة له لا يختلف فيها اثنان، ولا يجحده فيها أعداؤه فما ظنك بالخلان، ولم يتفق لأحد قبله ممن كان يعتني بهذا العلم من أهل قطره ما اتفق له ولأصحابه من رواية الأثر وإشاعته في الأكناف البعيدة، ولم يقدر الله ذلك لغيرهم، فتلك فضيلة خلاها الله له وأظهرها على يديه وأيدي من تبعه من حملة الآثار ونقلة الأخبار، ولقد كان قبله أجلة طالما اشتغلوا بهذا العلم غير أنهم لم يقم به أصحابهم من بعدهم فانمحت آثارهم واندرست، فلا ترى لهم بين الناس إسناداً وأما ولي الله فمسندهم، به يصولون وعليه يعولون:
أفلت شموس الأولين وشمسنا ... أبداً على أفق العلا لا تغيب اه. وقال الأمير صديق حسن في " الحطة " في حق المترجم وبنيه: " عاد بهم علم الحديث غضاً طرياً، بعد ما كان شيئاً فرياً، تشهد بذلك كتبهم وفتاويهم، ونطقت به زبرهم ووصاياهم، ومن كان يرتاب في ذلك، فليرجع إلى ما هنالك، فعلى الهند واهلها شكرهم مادامت الهند وأهلها "، اه. وكان من مذهبه رحمه الله الاهتمام بالموطأ وتقديمه على سائر كتب الحديث حتى البخاري ومسلم فضلاً عما دونهما، حتى قال في بعض إفادته: " فالمطلوب العمل على الموطأ وتعطيل التخريجات والاكتفاء بما يترشح من ظاهر الحديث " كذا في " القواعد " له. وقال في كتابه " التفهيمات " لما تكلم على المجدد: " وأقرب الناس إلى المجددية المحدثون القدماء كالبخاري ومسلم وأشباههم، ولما تمت بي دورة الحكمة ألبسني الله خلعة المجددية فعلمت علم الجمع بين المختلفات، وعلمت أن الرأي في الشريعة تحريف، وأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة روحانية أن مراد الحق منك ان يجمع شملاً من شمل الأمة المحمدية بك " اه. قال الأمير صديق حسن خان الهندي إثره في " الحطة ": " وهو كما قال ولله الحمد " اه. وفي " اليانع الجني ": " أما أصول الحديث فله فيها باع رحيبة كأنه قد حاز القدح المعلى منها