ولنا فيه وفي أصحابه ومشايخه مجلدة نفيسة، كما ألف فيه أيضاً أبو عبد الله محمد بن عيسى السعيدي القاسمي الجزائري " المواهب الجليلة في التعريف بإمام الطريقة السنوسية " في جزء وسط. وأعلى طرقنا إليه عن شيوخنا أبي اليسر فالح المهنوي والقاضي أحمد بن الطالب ابن سودة والمعمر عبد الهادي ابن العربي العواد، ثلاثتهم عنه في كل ما له من مروي ومؤلف منظوم ومنثور. مات الأستاذ المذكور في 9 صفر سنة 1276 ولم يخلف بعده مثله في هديه وسمته وعظيم همته وبعد صيته وكثرة تلاميذه (وانظر الكلام على أوائله في حرف الألف) وبالجملة فلم يجلب ذكره هنا إثر ابن السمعاني وابن السبكي حرف شهرته فقط، بل لكونه كان يحذو حذوهم ويقفو أثرهم على حسب زمانه ومكانه، رحمه الله.
قال مفتي الحنابلة بمكة المكرمة المؤرخ العلامة محمد بن عبد الله بن حميد الشركي الحنبلي في إجازة له: " أعظمهم قدراً يعني مشايخه وأشهرهم ذكراً وأشدهم اتباعاً للسنة النبوية وأمدهم باعاً في حفظ الأحاديث المروية وأكثرهم لها سرداً وأوفرهم لكتبها جمعاً وتتبعاً العلامة المرشد الكامل مولانا السيد محمد بن عليّ السنوسي الحسني، فقد روى لي الحديث المسلسل بالأولية أول تشرفي بطلعته، ثم لازمته مدة مديدة وحضرت عليه سنين عديدة، وكان يقرأ صحيح البخاري في شهر، ومسلم في خمسة وعشرين يوماً، والسنن في عشرين يوماً، مع التكلم على بعض المشكلات، ولا أعد هذا إلا كرامة له، ثم أجازني بجميع ما حواه ثبته الجامع المسمى ب " البدور الشارقة فيما لنا من أسانيد المغاربة والمشارقة " وهو في مجلدين، وكان أصله مالكي المذهب، لكن لما توسع في علوم السنة رأى أن الاجتهاد متعين عليه، فصار يعمل بما ترجح عنده من الأدلة " اه. منها.
قلت: على ذكر عمله بمقتضى الأدلة أذكر ان مسند الديار التونسية وقاضيها الأستاذ المعمر الشيخ محمد الطيب النيفر حدثني بها أنه لما لقي الشيخ