الشرق" في أبريل 1934، ويشرف على تحريرها حتى ديسمبر 1934، إذ أعيد إلى الجامعة في الوزارة النسيمية, وقد أصدر هذه الصحيفة على نفقته في أعقاب الأزمة الاقتصادية، مواصلًا مهمته الصحفية في "كوكب الشرق", وتجديد المجتمع إلى جانب التجديد الفكري والثقافي، وينتقل معه إلى "الوادي" تلاميذه الذين عملوا معه في "كوكب الشرق", وقد خسر طه حسين في "الوادي" ثلاثة آلاف جنيه كانت دينًا عليه لموزع جريدته "المعلم الفهلوي"، وربما لبعض أصدقائه1، ولم ينقذه من هذه الأزمة إلا عودته للجامعة، وبداية الانفراج السياسي.
ومن ذلك يبين أن طه حسين قد تألَّفَ ككاتب مقال صحفي ولم ينجح كصاحب جريدة أو مدير، ولذلك يواصل الكتابة والتحرير في الصحف، قبل عودته للجامعة، وبعد عودته، فيكتب في "الرسالة" التي أصدرها الزيات في 15 يناير 1933 بالاشتراك مع طه حسين وأعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر, وكانت خطتها "ربط القديم بالحديث, ووصل الشرق بالغرب"2. ويصور الزيات مولد "الرسالة" واللقاء الذي تَمَّ بينه وبين طه حسين بشأن إصدارها في وقتٍ كانت المجلات الهزلية تطغى على الصحف الثقافية بعد تحوّل السياسة الأسبوعية إلى الاتجاه الحزبي، يقول: "في ذات عشية من عشايا نوفمبر من عام 1932 زرت أخي طه حسين في داره بالزمالك, وكنت منذ أربعة أشهر قد رجعت من العراق بعد أن أغلقت دار المعلمين العليا ببغداد, وكان هو قد أنزل عن كرسيه في كلية الآداب من جامعة فؤاد, فقلت له بعد حديث شهي من أحاديث الذكرى والأمل؛ ما رأيك في أن نصدر معًا مجلة أسبوعية للأدب الرفيع؟ فضحك ضحكته التي تبتدئ بابتسامة عريضة، ثم تنتهي بقهقهة طويلة، وقال: وهل تظنك واجدًا لمجلة الأدب الرفيع قراء في مجتمع ثقافة خاصَّتِه أوربية، وعقلية عامته أمية، والمذبذبون بين ذلك لا يقرأون -إذا قرءوا- إلّا المقالة الخفيفة والقصة الخليعة والنكتة المضحكة؟
فقلت له: لعل من بين هؤلاء طبقة وسطى تطلب الجد فلا تجده، وتشتهي النافع فلا تناله.. فقال وهو يهز رأسه ويمط شفتيه: حتى هذه الطبقة، إن كانت، ستقبل على الجد النافع أول الأمر لأنه تغيير وتنويع، فإذا ما ألح عليها، لا تلبث أن تسأمه وتزهد فيه.. والمثل أمامك في السياسة الأسبوعية.
"فقلت له: ربما كان لإقبال القراء على السياسة الأسبوعية، ولإدبارهم