التحليل الصحفي

مدخل

...

أ- التحليل الصحفي:

وإذا كان طه حسين قد تمثَّل وظيفة التفسير والتبسيط في "التحليل الثقافي" كما تقدَّم، فإن هذه الوظيفة من أهم وظائف الفن الصحفي الحقيقي، لأنها تدور حول التفسير وإلقاء الضوء على الأنباء، وبيان آثار الأحداث في حياة الناس1. الأمر الذي يقتضي إتقان الفن الصحفي، وهضم المسائل العويصة، وسبر أغوارها بحيث يستطيع كاتب المقال التحليلي أن يتحدث عن أعظم الحقائق في أبسط الألفاظ2. ولقد تبين من دراسة مقومات الاتصال الصحفي عند طه حسين توافر هذا الإتقان، الذي ينتج مقالًا تحليليًّا في لغة الاتصال بالجماهير، التي تتميز بالبساطة والوضوح، والوظيفية الهادفة في أداء المضمون الصحفي.

من هنا يمكن القول أن "التحليل الصحفي" عنصر مكمّل "للنبأ" بمعنى أنه "يثريه" ويكسب مدلوله دلالات أوسع، ويقربه للقارئ ولاهتماماته، بل قد يثير لديه اهتمامات جديدة, ويوسع أفقه بما يجذب انتباهه، وما يمتد إليه فضوله3. على أن "التحليل الصحفي" يضيف كذلك عنصر "الرأي" إلى "عنصر الخبر", ويكسب فهمه للحدث عمقًا، كما يتيح فرصة تصور معاني للحدث من أكثر من زاوية، وانطلاقًا من أكثر من رؤية.

غير أن "التحليل الصحفي" عند طه حسين يضيف إلى هذين العنصرين عنصرًا ثالثًا مستفادًا من رؤياه النقدية، ونعني بهذا العنصر "التقويم", الذي لا يقتصر فقط على مجرد نقل النبأ وعرضه، أو إبداء الرأي فيه، ولكنه "يقوم" الرأي و"يقوم" النبأ، من خلال رؤياه الصحفية والفكرية لموضوع المقال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015