للحكومة مسموع الكلمة فيها, نزيه المسلك معها, صادق الولاء لها, مؤديًا واجبه كما ينبغي, خليقًا أن يرفع إليه الاعتذار- والاستفغار بعد الحمد والثناء.
"فما مصدر هذا التغير الشديد الذي تناول لهجة كاسترو فجعلها -لا نقول حلوة عذبة- وإنما نقول ذليلة ضارعة بعد أن كانت مرة قاسية؟ مصدر هذا التغيير وما قلناه لك أنه قد جرى خلف ستار. ولكن لكل قصة عظة وعبرة, ولقصتنا هذه عظاتها وعبرتها وهي كثيرة, منها أن الصحفيين قد أصبحوا في هذه الأيام ضحايا لهذا الوحي المضطرب الذي لا يثبت على شيء, ولا يثبت من شيء, فهم يؤدون فيعرفون, ثم يؤمرون فينكرون1".. إلخ.
تلك هي خصائص المقال النزالي في صحافة طه حسين، كما استطعنا أن نستخلصها من خصائصه في التحرير الصحفي، والتي غذَّتْهَا ثقافة عميقة، وأفادت من ملكاته في التصوير والتعبير والجدل والسخرية، وهي الملكات التي نحاول أن ندرس أثارها في القالب الكاريكاتيري للمقال النزالي، على أن هذا النزال وإن كان يرتبط بالمبادئ الحزبية التي طُبِعَ بطبعها، فإنه عند أهل الثقافة السياسية أحرص على بيان الحقائق, وأعدل في إرسال الرأي، ولكنما للسياسة والصحافة أهواء تلطف وتعتدل نسبيًّا، غير أنها لا تنقرض ولا تتلاشى.