ساذجاً عن النفس، ولا هي تدون للمفاخر والمآثر، ومن ثم كنا نستسيغها ونجد فيها متعة عميقة، بينما نهرب من الثرثارين الذي يملأون المجالس بالحديث عن جهودهم ومفاخرهم، وننسبهم إلى الغرور، ونتهكم منهم إذا استطعنا، لأنهم يصدمون فينا إحساسنا الذوقي بالصدق ف الخبر، ويسدون علينا المجالس العريضة حين يملأونها بدعواهم المنتفخة وغورهم العريض. أما كاتب السيرة الذاتية فإنه قلما يصدم مشاعرنا بما يقول إلا أن يطالعنا بمثل ما يقول سبنسر في ترجمته عن نفسه: " كانت لدي قدرة فائقة في العرض، فقد كنت أقدم مقدماتي وتعليلاتي ونتائجي بوضوح ونصوع لا يتمتع به الكثيرون. فمن أين جاءتني هذه المقدرة؟ سرها أن جدي قضى حياته ف التعليم وصرف أبي كل حياته في التعليم أيضاً؟ ولا ستطيع أحد أن ينكر أني بطبعي نقادة؟ " أو كقول نيتشه في ترجمته الذاتية: " لماذا تفوق معرفتي معرفة سائر الناس، ولم أنا في الجملة رجل حاذق (?) ؟ "
فهذا مما تخونه اللباقة، وإن كان حقاً؛ ومثل هذه الأقوال نفسها لا تدمنا كما تفعل قصص المتنفجين عن أنفسهم، لأننا نعترف، ونحن نقرؤها، أن سبنسر كان موهوباً، وأن نيتشه كان عبقرياً، والموهبة والعبقرية يغفران كثيراً من العجب،