أو الشجاعة المؤمنة بمصيرها في مذكرات أسامة، فإنما أحاول أن أنقذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، وأضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل، أما أولئك الذين يذهبون بنا في شعاب من الصنعة " الرسمية " فإنهم يستنزفون جهودنا على غير طائل، وينقلون تفاهة الماضي الذي عاشوا فيه إلى حاضرنا الذي نرجوه لما هو أجدى.
فوراء هذه الفصول التي كتبتها رغبة ذاتية مخلصة في أن أعرض موضوعاً أحببته وعشت في تجارب أصحابه مدة من الزمن. ولشغفي بتلك التجارب، استكثرت من الأمثلة، وخاصة حين عرضت للسير الذاتية في الأدب العربي، وإنما أريد لأبقي تلك الأمثلة حية في النفوس، ولأقرب الشقة بين القارئ ومصادر يظنها صلبة عند المضغ، عسرة على الهضم. وقد بنيت هذه الدراسة على الاختيار فلم أثقل على القارئ بتصنيف معاجم السير وكتب الطبقات، فهذا على أنه خارج عن مفهوم السيرة الفنية، إنما مكانه كتب الفهارس العامة، والتعاليق الخاصة عن الشيوخ. واقتصرت على كتب وأمثلة يسهل الحصول عليها، لعلمي بإن المخطوط من السير، وهو قدر كبير، لا يتيسر لكل قارئ.
ومزجت بين العرض التاريخي والتحليل غير المستقصي لبعض النماذج، مقسماً نظرتي في السير بين الأدب العربي والأدب الغربي