فن السيره (صفحة 123)

ولا تقبله نفسي، وابتدءوا يدعونني إليه أيضاً، ويجرون على ألسنتهم ذكر الفلسفة والهندسة وحساب الهند. وأخذ يوجهني إلى رجل كان يبيع البقل ويقوم بحساب الهند حتى أتعلمه منه، ثم جاء إلى بخارى أبو عبد الله الناتلي، وكان يدعى المتفلسف، وأنزله أبي دارنا رجاء تعليمي منه، وقبل قدومه كنت اشتغل بالفقه والتردد فيه إلى إسماعيل الزاهد، وكنت من أجود السالكين، وقد ألفت طرق المطالبة ووجوه الاعتراض على المجيب، على الوجه الذي جرت عادة القوم به، ثم ابتدأت بكتاب ايساغوجي على الناتلي. ولما ذكر لي حد الجنس: أنه هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب " ما هو "، فأخذت في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، وتعجب مني كل العجب، وحذر والدي من شغلي بغير العلم ... " (?) .

ويختصر ابن رضوان مراحل تعليمه على هذه الصورة أيضاً من الإيجاز، فيقول في جانب من سيرته: " فلما بلغت السادسة أسلمت نفسي في التعلم، ولما بلغت السنة العاشرة انتقلت إلى المدينة العظمى، وأجهدت نفسي في التعليم، ولما أقمت أربع عشرة سنة، أخذت في تعليم الطب والفلسفة، ولم يكن لي مال أنفق منه فلذلك عرض لي في التعليم صعوبة ومشقة، فكنت مرة أتكسب بصناعة القضايا بالنجوم، ومرة بصناعة الطب، ومرة بالتعليم. ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015