الصحوة الإسلامية المعاصرة وانتشار الإسلام في ربوع الأرض ودورهما في إزالة الإحباط

ولماذا نقلب في التاريخ فقط؟ أليس في واقعنا ما يشهد لوعد ربنا بالتحقيق؟ نعم.

والله1 رأينا وسمعنا ونحن على ذلك من الشاهدين، واعقدوا معي مقارنة بين واقعنا الآن وواقعنا منذ أربعين سنة، وهي ليست في عمر الأمم بشيء، أرأيتم الصلاة في المساجد؟ أرأيتم زوّار المساجد وعمارها من هم؟ وكيف أعدادهم؟ كنا في القديم لا نشاهد إلا أرباب المعاشات وقليل ما هم، أما الآن فالمساجد أكثر من أن تحصى، وعمارها كذلك جلهم من الشباب والأطفال، ألا ينبئ ذلك بمستقبل لهذا الدين؟ أرأيتم الحج والعمرة؟ ملايين! من المسلمين في كل عام من كل حدب وصوب؟ أعلمتم أنه أصبح من المستحيل أن تجد الكعبة خالية من الزوار والطوّاف، أرأيتم اشتياق الرجال والنساء والشيوخ والشباب إلى الحج والعمرة؟ أرأيتم الحجاب وانتشاره؟ في الستينات في الجامعة المصرية لم يكن هناك إلا فتاة واحدة محجبة فقط، ثم دارت الأيام فإذا دخلتم الجامعة الآن ونظرتم إلى النصف المملوء من الكوب بروح التفاؤل وجدتم الآلاف من الفتيات مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات، أما إذا نظرتم إلى نصف الكوب الفارغ فسيدخل في روعكم ما نحن بصدد دفعه، أرأيتم إلى الانتخابات في النقابات والاتحادات وغيرها؟ ألم تلمسوا تعاطفاً وحباً وتضامناً مع من رفع الإسلام شعاراً واتخذه منهجاً وإماماً؟ ألم تشاهدوا بأعينكم كيف يختار المسلمون المسلمين دون أن يعرفوا أشخاصهم لا لشيء إلا لأنهم فقط يعتزون بإسلامهم؟ أرأيتم معارض الكتاب؟ ألم تلحظوا أن أكثر الكتب مبيعاً هي الكتب الإسلامية؟ وأن أشد الأجنحة زحاماً هي الأجنحة الإسلامية؟ وأن أكبر الدور إنتاجاً هي الدور الإسلامية؟ بل أرأيتم كيف أن كل الفئات على اختلاف توجهاتها تحاول الآن أن تلعب بورقة الإسلام حتى وإن كانوا لا يرغبونه؟ وذلك لعلمهم بأن هوى الناس وميلهم أصبح للشرع والإسلام.

نعم.

والله! رأينا رأينا أحزاباً علمانية تعلن في برامجها أطروحات إسلامية، رأينا بنوكاً ربوية تفتح فروعاً للمعاملات الإسلامية، رأينا محلات لتصفيف الشعر للنساء تفتح أقساماً للمحجبات، رأينا برامج تلفزيونية ما كانت تحادث إلا فنانين وفنانات، وراقصين وراقصات، بدأت تروّج لبرامجها باستضافة علماء المسلمين، رأينا كل ذلك وغيره، وسوف تحمل الأيام المزيد.

ثم تعال يا أخي! ندقق النظرة ونوسع المدارك ونخرج للساحة العالمية! ألم تسمع إلى نصر الأفغان على الروس: {فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:4 - 6]؟ إياك إياك أن تظن أن الروس هزموا لجبال أفغانستان الوعرة، بل هزموا لأن الله هزمهم، وردوا لأن الله ردهم عندما رأى من أهلها رجالاً أمثال الجبال أو أقوى من الجبال.

ألم تشاهدوا جنود إسرائيل يرقصون طرباً ويهللون فرحاً؛ لأنهم فروا كالجرذان وهربوا كالقطيع بمقاومة شعبية قادها حزب الله في بلد صغير كلبنان خرج من حروب أهلية إلى أزمات اقتصادية؟ ألم تشاهدوا كيف احتلت جمهوريات إسلامية بقيصرية روسية ثم بشيوعية بلشفية ما يزيد على 300 عام، قهر وتعذيب وتشريد وتذبيح، حمل المصحف جريمة يعاقب عليها القانون، الإيمان بالله ينكرونه، والإيمان برسوله يجحدونه، ثم تمر السنوات ويولي الليل وتشرق الشمس، فإذا بشعوب ما زالت مسلمة، وبقلوب ما زالت مؤمنة، وبأيد ما زالت متوضئة، وجباه ما زالت ساجدة، فعل من هذا؟ إنه فعل الله الذي وعد: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47].

ثم تعال معي يا أخي! أبعد من ذلك.

أرأيت أمريكا كيف كان بها بضعة آلاف مسلم في الستينات، ثم هم الآن 8.

000.

000 مسلم؟! والله يا إخوة! رأيت في مدينة شقة كانت تستخدم مسجداً في السبعينات فإذا بالأيام تمر فرأيت في المدينة عشرة مساجد، أرأيت الجاليات الإسلامية في الغرب؟ أسمعت عن مدارسها؟ عن مساجدها؟ عن مراكزها؟ عن جرائدها؟ عن مؤتمراتها؟ عن شركاتها؟ أعلمت يا أخي! أن دين الإسلام هو أسرع الأديان نمواً في العالم الآن؟ أعلمت أن موقعاً إسلامياً على الإنترنت يدخله يومياً مليونان من الزائرين، منهم مليون في أمريكا وحدها؟ أليس هذا فتحاً ونصراً وعزاً وأملاً؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015