الإيمان الصادق بموعود الله عز وجل لعباده المؤمنين

نتيجة هذه الجرائم والمؤامرات أحبط كثير من المسلمين إحباطاً شديداً ورضخوا للواقع، وقنعوا بالسير في ذيل الحضارة الغربية.

مع ضخامة المؤامرة وبشاعة الكيد فإني أعود من جديد وأتعجب: كيف يمكن أن تحبط أمة تمسك في يديها بكتاب القرآن؟! ألم تسمعوا إلى قوله سبحانه وتعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]، يا إخوتي وأحبابي! كل ما ذكرناه من جرائم ومكائد ومؤامرات وتزوير وتشويه وخيانات وعمالات ونفاق وكذب، كل هذا يدخل تحت كلمة: ((ويمكرون))، خذ الجانب الآخر من المقابلة: {وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]، فالله يا إخوة! يقابل مكرهم بمكره: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67].

أيها المسلمون! إن كان أصابكم شيء من الإحباط؛ فلكونكم لم تفهموا المعركة على حقيقتها، ولم تدركوا الصدام بكامل أبعاده، هي ليست حرباً بين المسلمين والكافرين وإن كان ظاهرها كذلك، إنما هي في حقيقتها حرب بين الله وبين من مرق عن طريقه وكفر بعبادته، وارتضى غيره حكماً وقبل غير كتابه شرعاً، هي حرب بين الله وبين طرف صغير حقير من مخلوقاته سبحانه، لكن الله من رحمته بالمؤمنين ومن كرمه عليهم منّ عليهم بأن جعلهم جنده وحزبه وأولياءه، فالمؤمنون يقفون أمام الكافرين ملتزمين بمنهج ربهم في وقوفهم، وكما أمرهم يفعلون لا يترددون ولا يفرون، واثقين بوعده راغبين في جنته، راهبين لناره، مخلصين له، معتمدين عليه، لاجئين إليه، إن فعلوا ذلك كان هو سبحانه جلت قدرته وتعاظمت أسماؤه المدافع عنهم، الحامي لهم المؤيد لقوتهم، الناصر لجيشهم، الناشر لفكرتهم، المنتقم من عدوهم.

واسمعوا وأنصتوا لقوله سبحانه وتعالى حتى تفهموا حقيقة المعركة: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:17]، {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق:15 - 16]، سبحانه وتعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [النمل:50 - 51].

أيها المسلمون المعتزون بإسلامهم! هل تعلمون لمن تعملون؟ وإلى أي ركن تأوون؟ إنكم تعملون لله، وتأوون إلى ركن شديد سبحانه، إذا جلس المتآمرون في جنح الظلام يدبرون ويخططون هل هم بعيدون عن عينه سبحانه؟ {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:16]، أو إذا أطلق المتآمرون صاروخاً أو رصاصة أتسقط بغير علمه سبحانه؟! إذا كان يعلم بسقوط أوراق الشجر عبر الزمان والمكان فكيف بسقوط الصواريخ؟! {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ * قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام:59 - 67].

أ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015