لماذا اختار اليهود أرض فلسطين لإنشاء دولتهم؟ السبب الأول: لكونها أرض المثوى لداود وسليمان عليهما السلام، وأرض الميعاد لليهود كما جاء في توراتهم؛ ولذلك فالفكرة دينية وعقائدية، لكننا نقول: إن تيودور هرتزل شخص علماني لا يتمسك أبداً باليهودية، حتى إنه في مذكراته يقول: عندما كنا في مؤتمر بال في سويسرا كنت أضطر إلى الذهاب إلى المعبد اليهودي حتى لا يشك فيّ رجال الدين الموجودون هناك في سويسرا، فما أهمية أن تعلن القضية من منطلق ديني، ولماذا القضية هامة جداً لـ تيودور هرتزل ولمن معه من المؤسسين لدولة إسرائيل؟ أولاً: من السهل أن يقنعوا اليهود في كل بقاع الأرض أن يتجهوا إلى هذه البقعة، خذ عندك مثلاً: رجل يعيش في فرنسا أو في أمريكا أو في انجلترا ظروفاً معيشية طيبة وعنده مال، فلماذا يترك هذه البلاد ويتجه إلى مكان آخر حتى يعيش فيه؟ لا بد أن يحرك عواطفه بشيء ما، هذا الشيء هو العقيدة اليهودية حتى وإن كان المتحدثون بها غير مقتنعين بهذه العقيدة، فقالوا: الدين هذا وسيلة طيبة جداً لتحريك اليهود أنفسهم من أجل أن يذهبوا إلى أرض فلسطين.
الشيء الآخر: لما نأتي ونكلم النصارى أو نكلم المسلمين أو نكلم أي أحد في الأرض يكون لنا مرجعية لا نستطيع أن نغير فيها وهذا كلام الله الذي يقوله لنا في الكتاب.
لا أستطيع أن أغير، الله قال لنا: من النيل إلى الفرات.
لا أستطيع أن أغير، والله قال لنا: نرجع إلى أرض الميعاد.
لا أستطيع أن أغير، فأنا مضطر لهذا الأمر، هكذا يقول تيودور هرتزل ومن معه: مرجعية إلى الله سبحانه وتعالى.
إذاً: الأمر الديني هذا جعل لفلسطين موقعاً خاصاً عند اليهود.
الأمر الثاني: أن فلسطين مركز لكل قوى العالم، وطريق للالتقاء بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وهي بذلك تعتبر مركزاً استراتيجياً هاماً للسيطرة على العالم، وهو حلم يهودي قديم.
ثالثاً: كونها في مكان متوسط يسهل على الجميع القدوم من أي مكان للهجرة بعكس الأرجنتين وموزمبيق وأوغندا البلاد البعيدة.
رابعاً: المناخ المعتدل في أرض فلسطين أيضاً يسهل للمهاجرين من أي مكان أن يأتوا إلى فلسطين سواءً من روسيا الباردة جداً أو من أوروبا وأمريكا الباردة نسبياً، أو من دول الشرق الأوسط المعتدلة الحرارة، أو من الحبشة الحارة وهكذا، فهو بلد يناسب كل التوجهات.