في المحاضرة السابقة تحدثنا عن الدور الأول عن أهمية تحريك القضية وبسرعة، ووقفنا عند ذكر المفاهيم الصحيحة لقضية فلسطين، اليوم نبدأ في الحديث عن بعض هذه المفاهيم الهامة، الحق أن سوء الفهم لهذه المعاني أو المفاهيم قد يؤدي بنا إلى انحراف خطير بعيد تماماً عن جادة الطريق، سوء الفهم لهذه المعاني يعني انسياقاً وراء المؤامرة الفكرية.
المفهوم الأول الذي نريد أن نناقشه في هذه المحاضرة هو تحديد الهدف، هل يستقيم أن تكون مسافراً فتعد العدة للسفر من سيارة ومتاع وأموال وميعاد وتجهيز وترتيب، ثم تأتي يوم السفر وتكتشف أنك لا تدري إلى أين تسافر، ما هي الوجهة! ما هو الهدف! هذا بالطبع لا يستقيم؛ لأن إعدادك لمدينة مجاورة غير الإعداد لمدينة بعيدة، فسفرك إلى الإسكندرية ليس مثل سفرك إلى أسوان، وليس مثل سفرك إلى مكة، وليس مثل سفرك إلى لندن، أو سفرك إلى أي مكان، كل مكان يتطلب إعداداً خاصاً، تحديد الهدف، وتحديد الوجهة.
أترجم هذا الكلام إلى
Q لماذا نحرر فلسطين؟ وهذا سؤال في غاية الأهمية.
ما هي الدوافع وراء الحركة، وبذل الجهد والعرق والمال والنفس؟ مهم جداً أن نجيب باستفاضة عن هذا السؤال، وأن نفرغ له وقتاً وجهداً؛ لأن المؤامرة الفكرية التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة أول ما تضرب ستضرب الأهداف والدوافع، وهذا قد يحبط العمل.
لماذا نحرر فلسطين؟ سأعرض لكم إجابات أعرف أنها تخطر في بال كثير من المسلمين، إجابات كثيرة متعددة، ولكني أشعر أن إجابة واحدة في هذه الإجابات تعد هي الإجابة الصحيحة.
سأعرض هذه الإجابات الواحدة تلو الأخرى، وعلى المستمعين أن يحاولوا أن يلتقطوا من بينها إجابة يعتقدون أنها هي الإجابة الصحيحة.
الإجابة الأولى: هل لأنها عربية ونحن عرب؟ الإجابة الثانية: هل لأنها القدس المدينة المقدسة المباركة؟ الإجابة الثالثة: هل لأن بها المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين وثالث الحرمين؟ الإجابة الرابعة: هل لحل مشكلة اللاجئين المشردين في بقاع العالم المختلفة؟ الإجابة الخامسة: هل لوقف نزيف دماء الفلسطينيين؟ الإجابة السادسة: هل لأنها فتحت بالإسلام وحكمت بالإسلام قديماً في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه؟ هذه ستة اختيارات، اختر من بينها واحدة، فكل الإجابات قد يصلح للإجابة، لكن ما هي أصح الإجابات على سؤال خطير: لماذا نحرر فلسطين؟ أنا أريد من الذي يسمع يحاول التفكير معي، نحن نعمل دراسة عن الدور الذي من الممكن أن نؤديه نحو قضية فلسطين، إن لم نفهم فعلاً لماذا نحرر فلسطين، سنخسر معظم الطريق، وسنتكسر، وستضعف الشوكة لا محالة.
أعود وأذكركم مرة أخرى، هل لأنها عربية؟ هل لأن بها القدس؟ هل لأن بها المسجد الأقصى؟ هل لحل مشكلة اللاجئين؟ هل لوقف نزيف الدماء؟ أم هل لأنها فتحت بالإسلام وحكمت بالإسلام قديماً في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ أشعر أن قسماً كبيراً من الحضور مع كل إجابة من الإجابات، الجميع مقسمون بين هذه الإجابات، الاختلاف كبير؛ لأن الإعلان يشرح لنا في كل يوم هدفاً لتحرير فلسطين، مرة بالحديث عن كونها عربية، مرة من أجل القدس، مرة من أجل المسجد الأقصى، مرة من أجل إسلامية البلاد، وهكذا اختلف المسلمون كثيراً في الهدف الذي من أجله نحرر فلسطين، الحقيقة أنا من كل هذه الإجابات أختار الإجابة الأخيرة؛ لأنها فتحت بالإسلام وحكمت بالإسلام قديماً في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.