فشيدت مجداً رسا أصله ... أمُتُّ إليه بأمّ وأب
ولا يزال يمدح بهذه الخلة من يجدها من ممدوحيه. قال:
مقتبل السن عقيد النهى ... تقصر عن غاياته الشيب
والملك لا يحمل أعباءه ... من لم تهذبه التجاريب
شيد ما أثَّل من مجده ... والمجد موهوب ومكسوب
...
أبو علي له في خندف شرف ... لف العلى منه موهوباً بمكسوب
وهو لا يقنع من المجد بالشعر والأدب، ولا بالمال والنسب، ولكن له أملاً سياسياً بعيداً، فهو يألم لما يرى من تفرق الأمراء وغلبة الأعاجم، وينتظر (رجل الساعة ...) المصلح المرتقب، الذي يجمع شمل الأمة، ويعيد لها شبابها، فيدعو لذلك الملوك ويهيب بهم، فلا يجد هذا البطل الأروع فرَّاج الغمة، محيي الأمة:
دهر تذأب من أبنائه نقد (?) ... وأوطئت عرب أعقاب أعلاج
وأينع الهام لكن نام قاطعها ... فمن لها بزياد أو بحجاج
وكم أهبنا إليها بالملوك فلم ... نظفر بأروع للغماء فراج
فيفتش في أمراء العرب وملوكهم فلا يجد فيهم من يرجى إلا الأمير أبا الشداد، فيقصده بقصيدة يستثيره ويستفزه، ويهيج في نفسه الحميَّة العربية، ويسأله كيف يرضى وهو اليوم أمل العرب وملجؤهم بأن يقنع العرب بصحراء زرود ورمال حاجر، بينما يأكل الأعاجم الدنيا، ويتناهبون الثراء والمجد، ويحضُّه على أن يثيرها داحسية شعواء: