فكر ومباحث (صفحة 188)

(قال أبو محمد): ولما كانت الرؤيا على ما أعلمتك من اختلاف مذاهبها، وانصرافها عن أصولها، بالزيادة الداخلة، والكلمة المعترضة، وانتقالها عن سبيل الخير إلى سبيل الشرِّ باختلاف الهيئات واختلاف الأزمان والأوقات، وأن تأويلها قد يكون مرة من لفظ الاسم ومرَّة من معناه، ومرة من ضدِّه، ومرة من كتاب الله، ومرة من الحديث، ومرة من البيت السائر والمثل المشهور، احتجت إلى أن أذكر قبل ذكر الأصول أمثلة في التأويل، لأرشدك بها إلى السبيل.

فأما التأويل بالأسماء فتحمله على ظاهر اللفظ ... إلخ. قال: وأخبرنا محمد بن عبد العزيز عن ... عن ... عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت الليلة فيما يرى النائم كأني في دار عقبة بن رافع وأُتيت برطب من رطب ابن طاب (نوع من تمر المدينة)، فأوَّلته أن الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة وأن ديننا قد طاب (?).

أخبرنا أبو حاتم ... إلخ. (قال أبو محمد): وربما اعتبر من الاسم إذا كثرت حروفه البعض ... إلخ. قال الشاعر:

أهدت إليه سفرجلاً فتطيَّرا ... منه وظل نهاره متفكراً

خاف الفراق لأن أول ذكره ... سفر وحق له بأن يتطيَّرا

وكذلك السُّوسَن ... إلخ. قال الشاعر:

سوسنة أعطيتنيها فما ... كنتِ بإعطائها محسنه

أولها سوء فإن جئت بالآ ... خر منها فهو سوء سنه

وأما التأويل بالقرآن فكالبيض يعبر بالنساء لقول الله عز وجل {كأنهنَّ بيض مكنون} ... إلخ. وكالحبل يعبر بالعقد لقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً}، ولقوله تعالى: {ضربت عليهم الذلَّة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس}،، أي بأمان وعهد. والعرب تسمِّي العهد حبلاً، قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015