كل قطر من الأقطار الحياة الأدبية في قطرهم (?)، ومبلغ قوتها أو ضعفها، وسبب تقدمها أو علة قصورها، وأن يحلِّلوا أدواءها وأمراضها، لنتعاون جميعاً على علاجها ومداواتها، وتقويتها وشد أزرها؛ والحياة الأدبية في الشام أحوج شيء إلى المداواة والعلاج، إذا كان في الشام حياة أدبية، لها وجود، ولها آثار يستطيع الناقد أن يصفها ويتحدث عنها؛ وأنا أشك في وجود هذه الحياة، فلا أستطيع أن أجزم بوجودها لأني لا أرى علامة من علامات الحياة في أدباء دمشق وأدبها، ولا أستطيع أن أنفيها، لأن في دمشق أدباء كباراً معروفين، ولأن دمشق -كما يعلم الناس جميعاً- عاصمة من عواصم البيان العربي ...
ولقد رجعت أعرض تاريخ الأدب في دمشق منذ عهد الاحتلال إلى اليوم، وأنظر الآثار الأدبية الخالصة التي أخرجها أدباء دمشق في هذه الخمسة عشر عاماً، فلا أجد إذا استثنيت مجلتي الرابطة الأدبية والميزان، ورواية سيِّد قريش لمعروف الأرناؤوط، وكتابي المتنبي والجاحظ لشفيق جبري، ورسائل أئمة الأدب لخليل مردم بك، إذا استثنيت هذه الكتب، وكتابين آخرين أو ثلاثة قد أكون نسيتها، لا أجد أثراً أدبياً له قيمة. وهناك كتب الأستاذ محمد كرد علي: خطط الشام والإسلام والحضارة، وغيرها ولكنها ليست من الكتب الأدبية الخالصة (?)، وإنما هي كتب تاريخ لا تدخل في موضوع مقالي.
على أنَّ هذه الكتب التي استثنيتها ليست في درجة واحدة من حيث قيمتها الأدبية، فبينا نعدُّ (سيد قريش) عملاً فنياً كبيراً على ما فيها من ضعف العقدة الروائية، وتشابه المناظر، وتكرار الأوصاف، وغلبة النصرانية على أجمل صفحاتها، نعد رسائل (أئمة الأدب) لخليل مردم بك، كتباً مدرسية، موضوعة