فكر ومباحث (صفحة 149)

الأدبي، وسأفتح صدري لكل جواب يأتيني، أو اعتراض يرد عليى، وسأزنه بميزان الحق، ثم أحكم به لي أو عليَّ.

لأننا -والحق يقال- إذا شكونا من جزع أدبائنا من النقد، وإساءة فهمهم إياه، فإننا نشكو أكثر من ذلك من رقاعة أكثر من يتصدَّون للنقد، وجهلهم بأصوله وفروعه، وخبطهم خبط عمياء في طرق لايعرفونها، ومسالك لا يألفونها، كالذي وقع لي أمس في القهوة، حين جاءني أستاذ لنا قديم متخصِّص في علوم الطبيعة، ينتقد علي أني قلت في قصتي الأخيرة في الرسالة (النهاية) إن في المهاجرين أشجاراً، والمهاجرين ليس فيها أشجار فلم أدر من أي أمريه أعجب، أمن غفلته في باب القصة، أم من غفلته عن حدائق بيوت المهاجرين ... وأعجب منه تلميذ علم أن الاستعارة غير الكناية، فأقبل ينتقد طه حسين!

ولئن شكا أدباء مصر من حالة النقد في مصر وأقاموا الدنيا وأقعدوها، لما يشاهدون من ضعف النقد في مصر، فنحن أحق بالشكوى من موت النقد في بلادنا، غير أننا أحق أيضاً بالاغتباط بان أستاذنا الحنبلي قد فتح صدر مجلته للنقد، وأعلن لأصدقائه وأعدائه أنهم لديه سواء، لا يجامل صديقاً لصداقته، ولا يظلم عدواً لعداوته، بل يدع النقد يجري في مجراه، فينشر فصل الناقد، وينشر جواب المنقود، ثم يكون هو والقرَّاء الحكم؟

فإذا رضي الأستاذ ونشر هذه القطعة -بحروفها- لأني أحب أن لا يتوسط أحد بيني وبين قرائي، وأفضل أن أواجههم بخطئي عن أن أقابلهم بصواب صاحب الجريدة! - فإلى الملتقى القريب وإن لم يرض بنشرها ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015