ويروون لهم الأحاديث فيه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من ولَّاه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلَّتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وفقره (?). وقوله: «من ولي من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن أولي الحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة» (?).
أي أن العلماء لم يعترفوا أبداً بهذا الحجاب، ولبثوا ينكرونه كما ينكرون سائر المنكرات.
ومن أباه كرامة ورجولة، وهم الشعراء الذين ملأوا الدنيا أشعاراً بذمِّه والتشنيع عليه، حتى أن المرء ليستطيع أن يجمع من ذلك ديواناً قائماً برأسه، من ذلك قول أبي تمام:
سأترك هذا الباب ما دام إذنه ... على ما أرى حتى يخفَّ قليلا
إذا لم نجد للإذن عندك موضعاً ... وجدنا إلى ترك المجيء سبيلا
وقول محمود الورَّاق:
شاد الملوك قصورهم فتحصَّنوا ... من كل طالب حاجة أو راغب
فإذا تلطف في الدخول إليهم ... راج تلقَّوه بوعد كاذب
فاطلب إلى ملك الملوك ولا تكن ... يا ذا الضراعة طالباً من طالب
وقول أبي مهر:
إني أتيتك للتسليم أمس فلم ... تأذن عليك ليَ الأستار والحجب
وقد علمت بأني لم أردَّ ولا ... والله ما ردَّ إلا العلم والأدب
وقول أبي العتاهية:
لئن عُدْتُ بعد اليوم إني لظالم ... سأصرف وجهي حيث تبغي المكارم
متى ينجح الغادي إليك بحاجة ... ونصفك محجوب ونصفك نائم؟