فكر ومباحث (صفحة 123)

يسأل فيه صاحبه، عن آية «وكان سهل الحجاب» في أي سورة من القرآن؟ وعن أي نبي من الأنبياء؟ وعن الحجاب في الإسلام، كيف كان.

والجواب أن هذه الآية (!) في السورة التي لم تنزل، عن النبي الذي لم يرسل، أعني أنها ليست آية!

أما حجاب الأمراء في الإسلام فليست له حالة واحدة، ولكنه مرَّ بأدوار، لو أردت أن ألخصها لك لأتت الخلاصة في عشر صفحات، وهي مكتوبة تحت يدي، ولكن المجلة شرطت عليَّ أن تكون المقالة في صفحتين لذلك أكتفي بهذه الإشارة ...

...

كان الرسول يصرِّح دائماً أنه ابن امرأة من قريش. وأنه ليس ملكاً ولا يريد الملك، فلم يكن دونه حجاب، ولا على بابه بوَّاب. ولم يميز نفسه من أحد من أصحابه في طعام ولا لباس، ولا مجلس، وكان يكره حتى مظاهر الاحترام المألوفة، فيمنع أصحابه أن يقوموا له إذا دخل، ويأبى إلَّا أن يجلس حيث ينتهي به المجلس. وكان يشارك قومه في كل عمل، لمَّا بنوا مسجد المدينة اشتغل في البناء كواحد منهم، ولما حفروا الخندق حفر معهم، وكانوا إن طلعت عليهم صخرة صلْدة عجزوا عنها، رجعوا إليه فضربها هو، وإذا اشتدت المعركة احتموا به، وكان يصبر على شظف العيش ويحيا حياة أفقر واحد من الناس: أما بيته (القصر النبوي)، فكان سلسلة من الغرف الصغيرة في ركن المسجد، كل غرفة منها دار لإحدى زوجاته مبنيَّة من اللبن والطين، ومع ذلك فلم يكونوا يتركونه يستريح فيها؛ أو يتحدَّث أو يأكل، وكان يستحي منهم أن يمنعهم حتى أنزل الله قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إنَّ ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق}.

ولم تبق هذه المزيَّة للرسول وحده، بل نزلت آيات سورة النور، فقررت (حريَّة المساكن) للجميع، وجعلتها قواعد عامة، فمنعتهم أن يدخلوا بيوت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015