علاوة على أن عدم العناية بهذه القضايا، وإطلاق أحكام من غير بحث وتروٍّ ربما أوقع الناس في حيرة واضطراب، ولا سيما ما يتعلق بالمسائل الطبية المستجدة، والقضايا الاقتصادية المعاصرة، والنوازل السياسية المعقدة، والعناية بهذا الفقه يضبط الأحكام ويجلِّيها، ويقرِّب وجهات النظر، ويضيِّق هوَّة الخلاف، وفي هذا سد لباب الطعن والافتراء من ناحية، وباب اللجوء إلى غير الشريعة من ناحية أخرى.

المطلب الثالث: ثمرته بالنسبة للفقيه المجتهد:

1 - إذا كان مقصود المسلم من الطاعات وأعمال البر هو مرضاة الله وتحصيل الثواب، فلا شك أن الاشتغال بالشرعيات في الجملة ميدان رحيب لكسب الحسنات وتحصيل الخيرات، والمشتغل بالنوازل الفقهية درسًا وبحثًا من أعلى العلماء رتبة، وأجلِّهم قدرًا، وأكثرهم أجرًا.

ففي الحديث: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" (?)، فإن عني هذا الفقيه المجتهد -بعد بحث النازلة ودرسها والإفتاء فيها- بالتعليم فله أجر نشر العلم، وهذه درجات من الثواب، بعضها فوق بعض.

2 - إن الاشتغال ببحث النوازل ودراسة المسائل المستجدة يدور حكمه بين فرض العين وفرض الكفاية، والقيام بهذا الفرض العيني أو الكفائي أداء للأمانة التي حمَّلها الله تعالى أهل العلم فقد أخذ تعالى الميثاق على العلماء ليبينوا الأحكام الشرعية، ولا يكتموها، والتكليف بهذه الأمانة منحصر فيهم، لقيام أهليتهم، واكتمال آلتهم الشرعية لاستنباط أحكام النوازل الفقهية، فكان لزامًا أن يتصدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015