قال الخطيب البغدادي -رحمه الله-: "ثم يذكر المسألة لمن بحضرته ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم في الجواب، ويسأل كل واحد منهم عما عنده فإنَّ في ذلك بركةً واقتداءً بالسلف الصالح، وقد قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] وشاوَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مواضعَ وأشياءَ (?) وأمر بالمشاورة وكانت الصحابة تتشاور في الفتاوي والأحكام" (?).
وعن ابن وهب -رحمه الله- (?) قال: سمعت مالكًا -رحمه الله- يقول: "العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق، وكان يقال: التأني من الله، والعجلة من الشيطان، وما عجَّل امرؤ فأصاب، واتَّأد آخر فأصاب إلَّا كان الذي اتَّأد أصوبَ رأيًا، ولا عجَّل امرؤ فأخطأ، واتَّأد آخر فأخطأ إلا كان الذي اتَّأد أيسرَ خطأً" (?).
وقد كان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يسألان الناس عما ليس لهما به علم، ويتحريان في ذلك، وفي الصحيحين حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في جمعِ عمرَ المهاجرين والأنصار لاستشارتهم في أمر الوباء الذي وقع بالشام ومحاجته لأبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهما- (?).