هذه المسائل، لا أن يلوذوا بالصمت.

والحاصل أن فهم واقع النازلة فهمًا صحيحًا من أهم المهمات، وأوجب الواجبات على العلماء والمفتين، ولأهمية هذا الضابط جاء في كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "إن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أُدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بالحق لا نفاذ له. . . ثم الفهمَ الفهمَ فيما أُدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهها بالحق. . . " (?).

وقد شرح ابن القيم هذا الكتاب في إعلام الموقعين شرحًا حافلًا، ومما قال فيه:

"ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:

أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علمًا.

والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الواقع، ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرًا، ومن تأمَّل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافحةً بهذا، ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015