وهذا ما تابعه عليه أكثر المتأخرين أيضًا، يقول الشيخ محمد عبده: "وهم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند، وسائر الرؤساء والزعماء، الذين يَرجع إليهمُ الناسُ في الحاجات والمصالح العامة" (?).
وإلى قريب منه ذهب الشيخ محمود شلتوت (?)، فقال: "أهل الحل والعقد هم أولو الأمر الذين يمثلون الأمة ويختارون باسمها الخليفة، وهم أهل العلم والرأي والخبرة في كل ناحية من نواحي النشاط الحيوي بالأمة" (?).
وقد وقع بعض الخلاف اليسير في المقصود بذلك، وكان ينبغي ألا يقع خلاف فيه، يقول الشيخ محمد رشيد رضا: "كان ينبغي أن تكون تسميتهم بأهل الحل والعقد مانعة من الخلاف فيهم؛ إذ المتبادر أنهم زعماء الأمة وأولو المكانة، وموضع الثقة من سوادها الأعظم، بحيث تتبعهم في طاعة من يُوَلَّونَ عليها فينتظم به أمرها، ويكون بمأمن من عصيانها وخروجها عليه". (?)
والحاصل أن هذا الاصطلاح متعارف عليه بين علماء الشريعة دلت عليه الآيات الكريمات الآمرة بمشورة العلماء والحكماء، وأصحاب الكفاية والدراية، كما دلت عليه الآيات الواردة في شأن مسئولية أهل العلم وبيان مرجعيتهم، والأمر باتباعهم وسؤالهم، كما نبهت عليه الآيات الآمرة بالانتصاب للدعوة والاجتماع على الأمر والنهي، مع النصح لأئمة المسلمين وعامتهم.