ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي على نحو ما أسمع. . . " (?).
قال ابن القيم -رحمه الله-: "وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده، فكان يفتي عن الله بوحيه المبين، وكان كما قال له أحكم الحاكمين: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] " (?).
وبعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - كان الصحابة يرجعون إلى علمائهم، وعلى رأسهم الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، المأمور بلزوم سنتهم، واقتفاء أثرهم، وكانوا -رضي الله عنهم- يلتمسون الأحكام في كتاب ربهم وسنة نبيهم، لا يجاوزون ذلك، فإذا أعياهم البحث عن النص القاطع للنزاع اجتهدوا في استنباط حكم تلك الواقعة المستجدة الذي يوافق الكتاب والسنة، ولا يصادم مقاصد الشريعة الغراء، ولا ينافي قواعدها الكلية.
يقول عنهم أبو شامة -رحمه الله- (?): "فكانوا إذا نزلت بهم نازلة بحثوا عن حكم الله فيها من كتاب الله وسنة نبيه، وكانوا يتدافعون الفتوى، ويود أحدهم لو كفاه إياها غيره" (?).