ودخلت في شرائعه كافة لما خالط الإيمان القلوب، وتمكنت بشاشته من النفوس.
وقد نعى الشيخ محمد سعيد الحسيني (?) على أحد المفتين في قازان وقد أفتى لبعض أمراء روسيا الوثنيين أنه لا يصح إسلامه على شرط شرب الخمر وأكل الخنزير، فقال: "إن هذا المتفقه لو كان من أهل البصيرة في الدين، والفقه في شريعة خاتم المرسلين، والوقوف على تصرفاته - صلى الله عليه وسلم - لما اقترف هذا الخطأ المشين، ولعرف أنهم بعد إسلامهم يقلعون عن تعاطي شرب الخمر، وأكل لم الخنزير، متى تمكنت بشاشة الإيمان من قلوبهم؛ لأن أمة الإجابة لا يتفق جمهورها على الضلالة، لكن الذي أفضي بالأمة الإسلامية إلى ما وصلت إليه هو الجمود والوقوف عند ظواهر نصوص الفقهاء، وتعطيل قوى المدارك والمواهب، وإغلاق باب الاجتهاد بدون قيد" (?).
فلا شك أن التخفيف في زمن نفور الخلق، ووهن العزائم، ورقة الدين، أمر مطلوب ومرغوب، ومع هذا كله فلا بد من التحرك وفقًا لثوابت شرعية وأصول مرعية، وإلا ترتب على هذا التيسير تغييرٌ للأحكام بغير برهان، وتقوُّلٌ على الله بغير علم، وتعريض الشريعة للتبديل باسم التيسير!
والأصل أن التساهل في الفتيا مذموم وممنوع، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس:59].