ويقول الدكتور وهبة الزحيلي: "والنوازل أو الواقعات أو العمليات هي المسائل أو المستجدات الطارئة على المجتمع؛ بسبب توسُّع الأعمال، وتَعَقُّد المعاملات، والتي لا يوجد نص تشريعي مباشر أو اجتهاد فقهي سابق سيطبق عليها" (?).
وقد ذهب الدكتور مسفر القحطاني إلى أن الأقدمين لم يحرروا مصطلح النوازل بشكل دقيق، وردَّ السبب في هذا إلى أمور، منها: أن هذا المصطلح لم ينتشر ويتداول إلا في القرون المتأخرة، وليس عند جميع الفقهاء، وأن مرادفات هذا المصطلح لا تقل عنه في التداول والشيوع، علاوة على أن الكاتبين في النوازل كان جل اهتمامهم مصروفًا إلى الجوانب العملية التطبيقية التي تعالج الوقائع النازلة بالناس، ولم يهتموا بالجوانب النظرية التي تعنى ببيان التعريفات والحدود.
ثم ساق تعريفًا للنوازل فقال: "الوقائع الجديدة التي لم يَسبق فيها نص أو اجتهاد" (?).
والذي يظهر لي أن ما اختاره ابن عابدين تعريفًا للنوازل فوق أنه أسبق فهو أدق وأضبط.
وقد لاحظ د. محمد الجيزاني في النوازل أمورًا ثلاثة، هي: وقوعها وعدم افتراضها، وجِدَّتها وعدم تكررها، وشدة إلحاحها في طلب حكم شرعي لها.
وبناء على ذلك فقد عرفها بقوله: "ما استدعى حكمًا شرعيًّا من الوقائع المستجدة" (?).
وسواء اخترنا تعريف ابن عابدين أو غيره من التعريفات المعاصرة، فإن النوازل المستجدة مسائل تتعلق بأفعال المكلفين، ولا يوجد في ذخيرتنا الفقهية نصٌّ في بيان حكمها، فهي مفتقرة إلى استفراغ الوسع وبذل غاية الجهد في استنباط حكمها وإدراك مأخذها.