المصالح، وأنه ليس بين الأعمال وبين ما جعل الله جزاء لها مناسبة، وهذا ظن فاسد تكذبه السنة وإجماع القرون المشهود لها بالخير" (?).

ولا يمنع هذا من أن الله تعالى قد يأمر بفعل أو ينهى عنه لغاية متعلقة بذات الأمر أو النهي لا لخصيصة قائمة في المأمور به أو المنهي عنه، كأن يتعبد عباده بالامتثال ويقيم عليهم الحجة بالاختيار، وإلا لِمَ أمر الله الخليل بأن يذبح ولده إسماعيل؟!

قال تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 103 - 106].

وقد يأمر الشارع الحكيم وينهى لإظهار عبوديته في الخلق وطلب تعظيمه بالاستجابة والطاعة، وإفراده بالتأليه، كما يكون في العبادات المقدَّرة والمؤقتة، والتي لا سبيل لأن يدرك العقل فيها علة لخصوص التقدير أو التأقيت، غير القيام بواجب العبودية لله تعالى، ومن ذلك: تحديد أوقات وعدد ركعات الصلوات ومقادير الزكوات، وأوقات الصيام، ونحو ذلك.

ويذهب القرافي -رحمه الله- (?) إلى أن مثل هذه العبادات المحضة تعلل أيضًا بمصالح العباد، فيقول: "تخصيص صاحب الشرع بعض الأوقات بأفعال معينة دون بقية الأوقات يقتضي اختصاص ذلك الوقت المعين بمصلحة لا توجد في غير ذلك الوقت، ولولا ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015