واحدة منها واختلافها ومقاصدها ونياتها وفي ذلك تنبيه على ما وراءه، وهي
نفس واحدة تكون أمارة تارة ولوامة أخرى ومطمئنة أخرى، وأكثر الناس
الغالب عليهم الأمارة، وأما المطمئنة فهي أقل النفوس البشرية عدداً
وأعظمها عند الله قدراً وهي التي يقال لها: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبَادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي} .
والله سبحانه وتعالى المسؤول المرجو الإجابة أن يجعل نفوسنا مطمئنة
إليه عاكفة بهمتها عليه راهبة منه راغبة فيما لديه وأن يعيذنا من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا وأن لا يجعلنا ممن أغفل قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان
أمره فرطاً ولا يجعلنا من الأخسرين أعمالاً: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} إنه سميع الدعاء وأهل الرجاء
وهو حسبنا ونعم الوكيل. انتهى.
الحادي عشر: وهو أن التقنين أو المذهب الملزم به سواء كان بعمل
واحد أو باختيار جماعة، لا بد أن يقع فيه خطأ، إذ العصمة لا تتحقق
إلا للأنبياء فالإلزام بها إلزام بما يعتقد أنه بمجموعة ليس صواباً بل لا بد
فيه من وقوع خطأ. وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى: أجمع المسلمون
على أنه من استبانت له سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليس له أن يدعها لقول أحد
سواه.
وحصر ذلك بالدليل الأصولي العظيم: وهو دليل السبر والتقسيم أن
يقال: إنه بالتقسيم لهذا تبين انحصاره في ثلاثة أوجه، وتبين بسبر أوصافه
أن اثنين منها سلبيان وواحد إيجابي ولا بد فيقال:
1- إن أحكام التقنين الملزم به كلها صواب لا خطأ فيها.
2- إن أحكام التقنين الملزم به كلها خطأ لا صواب فيها.