حديث ابن عباس رضي الله عنهما (وفيه إعلام أن الأحكام لا تجب إلا
بيقين لا شك فيه، وهذا أصل عظيم من الفقه أن لا يدع الإنسان ما هو عليه
من الحال المتيقنة إلا بيقين من انتقالها، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن غم عليكم
فأكملوا العدة ثلاثين يوماً "، يقتضي استكمال شعبان قبل الصيام،
واستكمال رمضان أيضاً..) اهـ.
السادس: أن الأحاديث دلت بمجموعها على انحصار الوصول إلى
اليقين المذكور بأحد الطريقين. فالصيام حكمٌ سببه: الرؤية للهلال أو
الإكمال.
فمنها ما يفيد بمنطوقه وجوب الصوم والفطر بعد الرؤية أو الإكمال
كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا
العدة ثلاثين ".
ومنها: ما يفيد منطوقه تحريم الصوم والفطر قبل الرؤية والإكمال كقوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم
فأكملوا العدة ثلاثين ".
وأنه ليس في شيء من الأحاديث إناطة الحكم الشرعي بالحساب
الفلكي. وتسمية الشهر به: شهراً بل تعليقه الحكم بأمر يقيني من رؤية
أو إكمال يدل دلالة واضحة على نفي إناطة الحكم بأي سبب آخر ففي
هذا فطم عن الاعتماد على الحساب في هذا الحكم.
السابع: إن ترائي الهلال مشروع لهذه الأمة لضبط مواسم تعبدها فإن
كانت العبادة واجبة كصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام، كان الترائي
واجباً كفائياً، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإن كانت مسنونة كان